قبل شهرين كانت المجلة الفرنسية تنشر مقالا تطالب فيه بمحاكمة الرئيس القذافي بتهمة »الارهاب« كما طالبت جهات قضائية وسياسية في باريس.
وكنا نكتب في هذه الزاوية بعنوان »ايهما الارهاب؟« عن دور الميليشيات الصهيونية المتطرفة الارهابي في عاصمة النور، والارهاب الاميركي ضد ليبيا الدولة والشعب، ناهيك عن الارهاب الاسرائيلي ضدنا، مذكرين بتصريح الرئيس الفرنسي جاك شيراك عام 1986 لصحيفة واشنطن تايمز، وهو بعد رئيس للوزراء، عن دور الموساد في تفجير طائرة البوينغ العال.
او عن اعترافات العميل المزدوج فيكتور اوستروفسكي، الذي كان ضابط ارتباط في المقر العام لجهاز الاستخبارات الدانمركي، كما في قسم الدانمرك في الموساد الاسرائيلي، والذي كشف في كتاب بعنوان: »By way of deception«، كيف يقوم الموساد بعملياته في جميع الدول الاوروبية منتهكا القوانين والتشريعات، او كتاب فينسان مونتيل: »ملفات سرية حول اسرائيل: الارهاب« او عشرات الكتب والتصريحات الاخرى، واهمها تصريحات القادة الاسرائيليين انفسهم، السياسيين والامنيين عن تدخلاتهم الامنية الارهابية في العالم، من بيغن الى شارون الى عيزرا هاريل، مؤسس الموساد.
لنسأل في النهاية: لماذا لا تطالب اية جهة غربية – فرنسية او غيرها – بمحاكمة هؤلاء؟
وقبل يومين كانت وسائل الاعلام تتناقل خبرا في منتهى الوقاحة عن رفع جمعية تمثل اللوبي اليهودي الفرنسي دعوى ضد الرئيس السوري بشار الاسد، لانه ادلى »بتصريحات لا سامية« وكأنه ولد في قبيلة هندو – اوروبية.
دون ان يكون في حساب هذا الاعلام الآخذ بالتحديدات العلمية والتاريخية والقانونية سواء لمعنى »الارهاب« وخاصة »ارهاب الدولة« او لمعنى »العنصرية« واللاسامية، الذي حدده رافائيل درعي، احد المدافعين عن مئير كاهانا نفسه بالقول: »ما يحرك كاهانا هو كراهية مطلقة للعرب، ولكن هل هو عنصري؟
ان العرقية تكره الاخر وتحاول ان تدمره، بسبب انه الاخر، لا بسبب ما يفعله، ولذا فان اللاسامية هي عرقية«.
اذن، وبهذا التعريف نتساءل: هل كان الرئيس السوري ينتقد اليهود لمجرد انهم الاخر، ام بسبب ما فعلوه ويفعلونه؟
تساؤل تجاهله الاعلام المتصهين، ليشن هجومه.
لماذا؟
الجواب تحمله المجلة الفرنسية نفسها في عددها الاخير، حيث تنشر ريبورتاجا طويلا عن العقيد القذافي، تكيل له المديح، وتحمل عناوين تقول انه تحول من رجل ارهاب الى وسيط دولي، وانه رجل مستعصٍ على الاخضاع، وانه عرف كيف يكسر عزلة بلاده دون ان يتخلى عن احلامه العظيمة، بل وتلقبه بمرشد الثورة الليبية، وتختار له صورا انسانية جميلة، منها صورة له وهو يقبل يد بدوية عجوز في سيرات، وصورا حداثوية جميلة لابنائه، من تلك التي يحبها الرأي العام، ومقابل كل ذلك تبرز عنوانين مقتطفين:
»ليست القومية العربية الا سرابا«.
»ليست القدس الا مسجدا ويمكننا ان نصلي في اي مكان خارجها«.