برنامج للتيئيس

صحيفة الدستور، 18-06-2001

ما الذي اراده برنامج اكثر من رأي في حلقته ليوم، الجمعة الماضي؟ هل اراد تيئيس الفلسطينيين؟

هل اراد تشويه صورة مصر؟

هل اراد تغييب الحضور العربي عن الصراع العربي الاسرائيلي؟

اذا كان لكل عمل اعلامي هدف محدد مسبقا، وواضح في ذهن صاحبه، فان هدف هذه الندوة التلفزيونية لا يمكن ان يكون بعيدا عن هذه الاسئلة.

من التوقيت، الى التشكيل، الى مجرى الحوار.

التوقيت، حيث تعقد الحلقة بعد صدور الموافقة على وقف اطلاق النار، وعلى نقاط تينيت، التي جعلت الاختزالات »على حد تعبير الدكتور مصطفى البرغوثي« تصل حد اختزال الامر بالمطلب الامني الاسرائيلي، مما يجعل وقف اطلاق النار هشا – وعمليا غير متحقق على الارض – وبالتالي فان المطلب الان انهاء الانتفاضة نهائيا، كي لا يتكسر الهش، وتعود اسرائيل الى مأزقها.

وكي تقف الانتفاضة لا بد ان ييأس الفلسطينيون تماما، وكي ييأسوا لا بد ان ييأسوا من المحيط العربي، خاصة دول الطوق.

لذا فان اثارة قضية العلاقات والاتصالات مع اسرائيل، على المستوى الرسمي، في هذا الوقت بالذات، هي في صميم عملية التيئيس. واذ نقول على المستوى الرسمي، فلأن ثمة سياقين للقضية: الرسمي، المرتبط باتفاقيات ومعاهدات واشتراطات اقليمية ودولية، والشعبي، الذي تسمح له حالة ديمقراطية، بالسير في الاتجاه المعاكس والتعبير عن ضمير جمعي هو حقيقة الناس والامة كلها.. وبين هذين السياقين هناك حفنة من المتحمسين للتطبيع الذين يتحركون في واقع عبر عنه الاستاذ عدنان ابوعودة في مشاركته امس بتذكيره بقول المغفور له الملك حسين باننا لا نجبر احدا على ان يطبع.

في هذا الواقع، وعندما لا تختار الندوة اربعة اطراف رسمية لتناقش الموقف الرسمي، لا ولا اربعة رموز شعبية تعبر عن رأي الغالبية، بل تأتي بشخصيتين فلسطينيتين هما الدكتور مصطفى البرغوثي والدكتور نافع، يعبران فعليا عن صوت الشارع الفلسطيني، وتضع مقابلهما سفير مصر السابق لدى اسرائيل الذي لم تعد له الان الا صفة مدير مركز دراسات السلام، لتجعله يتحدث باسم مصر، وتجعلنا نتساءل، ما هي نسبة الذين يمثلهم هذا الرجل من الستين مليون مصري؟

عندها نقول ان مجرد التوقيت ومجرد التشكيل هما في اساس هذه العملية الاعلامية، واستهدافها.

هذا عدا عن مسار الحوار، الذي لم تمض فيه دقائق دون ان يدق فيها اسفين لشق طرف عن اخر، الفلسطينيون عن سلطتهم، المصريون عن الفلسطينيين، الاردنيون فيما بينهم »عبر نبش موضوع النقابات والتطبيع، الذي خرج منه ابوعودة بمهارة تسجل«، دق كان بطله السفير المصري السابق مصطفى بسيوني، ولم يقصر فيه المذيع مدير الندوة عند الحاجة، ذلك رغم نداء كان الدكتور البرغوثي يكرره بمرارة بادية: »لا تسقطوا في الفخ، ان وقف اطلاق النار هو فخ لزرع الشقاق في صفوف الشعب الفلسطيني، وبيننا وبينكم.. »لا تسقطوا في هذا الفخ«.

غير ان السفير داعية السلام، كان يزداد استشراسا وصراخا، لا يلتزم حتى بأبسط آداب الحوار، في حين تثور حميته الادبية عندما يلفظ البرغوثي كلمة واحدة هي: »الانهزامية«، وكأن الاخ خارج من حطين ويزاود على حسن نصرالله.

كما تثور ثورته عندما يلفظ نافع كلمة الحرب الباردة، والغاء النحاس باشا للمعاهدة البريطانية، لكأنه لامس اقدس المحرمات، او لكأنه نطق بالكفر اذ ذكر الحرب، ولا اهمية لدرجة الحرارة التي يريد.. لكأن ما يجري في فلسطين، بل وفي لبنان وسوريا، هو شيء غير الحرب.. بل ولكأن تقارير الكيان الصهيوني عن الجيش المصري هي شيء اخر غير الحرب الباردة، لكأن الهدف من الحلقة كلها متضمن في الاسئلة الثلاثة التي بدأنا بها.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون