رد الاحياء!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 15-05-2001

في كتاب اسرائيل شاحاك »التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية«، تبادل رسائل بين جندي اسرائيلي واحد الحاخامات، حول حق قتل العربي او بالاحرى »غير اليهودي«، وما اذا كان محددا ام مطلقا.

واذ يبدو واضحا من هذه المراسلة تأثير الحاخامات على الجنود، تأثيرا يتجاوز حتى قادتهم، فان النتيجة التي يخلص اليها الجندي تقول بالحرف:

»في زمن الحرب، ليس قتل العربي، اي عربي اصادفه، رجلا كان ام امرأة، امرا مسموحا به فقط بل مأمور به، طالما ان هناك شكا في ان يدعم بشكل مباشر او غير مباشر الحرب ضدنا. وان علي ان اقتلهم حتى ولو خلف لي ذلك بعض المتاعب مع القضاء العسكري. واعتقد انه يتوجب علينا ان ندرس مسألة خطأ نظرية »نظافة السلاح« في المدارس، او على الاقل في المدارس الدينية، كي لا نضيع في حقول »المنطق«.

ويعلق شاحاك على ذلك موضحا ان هذا الاجتهاد الذي يجعل من قتل الاغيار امرا مجازا، هو اجتهاد يعود الى »الحلقة« »اي الفقه التلمودي اليهودي«، ورغم انه في الواقع مخالف للتشريعات المدنية الحكومية، الا انه في التطبيق العملي، يسيطر على المحاكم، بحيث لم يحصل ان لاقى مرتكبو الجرائم او المجازر ضد المدنيين، احكاما قضائية بعقوبات حقيقية، فهم اما يبرأون واما تؤجل قضاياهم حتى تموت، واما يحكمون بعقوبات رمزية.

واذا كان شاحاك يستشهد بدير ياسين، فان مشاهد الانتفاضة الحالية تحمل لنا كل يوم بشاعات يعفينا توالدها من التذكر.

فهل كان منظر الطفل المحروق المشوه نصرالله الذي سقط امس في فنجان قهوتنا الصباحي، اقل انفصالا عن كل ما هو انساني؟

الا يمكن لكل امرأة عربية تحمل طفلها الى ثديها، ان تنظـر اليه وتتخيله كذلك؟

في القواميس ان كلمة هولوكوست تعني موت الضحية حرقا، ولذلك تميز عن كلمة مجزرة او مذبحة الخ..

ولذلك يرفض المدققون المراجعون اطلاق تسمية الهولوكوست على موت اليهود في الحرب العالمية الثانية، لا لانهم ينفون حصوله بل لانهم ينفون واقعة الحرق، واكذوبة افران الغاز…

اليهود يصرون على »المحرقة« للقول بان قتلهم كان ممنهجا ومختلفا عن قتل الاخرين، وليتوافقوا مع الفقه اليهودي الذي يقول بان احتراق الضحية يجعل الله يرد بتعويض، ولذلك فان اسرائيل هي رد الله على المحرقة.

والمدققون، يرفضون كل ذلك لانهم توصلوا علميا الى ان الافران اكذوبة وان موت اليهود كموت الآخرين..

الطفل الذي احرقنا بحريقه هذا الصباح، يقول ان هذا الموت الفلسطيني هو هو الهولوكوست الحق، حتى في حريقه.

لكن، اهو القدر جعل المحروق لا يموت، كي يقول انه ينتظر الرد على حريقه، من البشر لا من »رب الجنود«، من الاحياء، اذا كان العرب ما يزالون بين الاحياء.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون