مؤسسة ويزنتال وملامح الشيطان!

اللوبيهات، 09-05-2001

الشرق الاوسط يتجه نحو اللاسامية، هذا ما حمله مقال طويل نشرته صحيفة »ميامي هارولد« الامريكية اليومية، بتوقيع الحاخام كوبر، وفيه هجوم عنيف على الرئيس السوري بشار الاسد، كونه يساوي في تصريحاته الاخيرة بين الصهيونية والنازية.

لكن المقال يخص رابطة الكتاب الاردنيين، بحصة كبيرة من الهجوم ويركز في فقرة كاملة على الدكتور ابراهيم علوش بلهجة تحريضية حادة، ويختم بسوريا وايران كدولتين، داعمتين للاسامية.

الحاخام كوبر، هو »الذي قاد حملة مؤسسة سيمون ويزنتال، لالغاء مؤتم المؤرخين المراجعين في بيروت حول الصهيونية« كما ورد حرفيا في الرسالة التي وجهتها هذه المؤسسة لرابطة الكتاب، طالبة منها الغاء ندوتها المقررة لمناقشة ملابسات ندوة بيروت، لأن الهدف من هذه الندوات هو »اعطاء اسرائيل والشعب اليهودي ملامح الشيطان«، بحسب تعبيرها.

واذا كان بعض المثقفين العرب الذين قبلوا السير وراء قيادة الحاخام كوبر، قد استحقوا بحسب قوله »ثناء العالم« ورضا مؤسسات اللوبي اليهودي، فان الذين لم يستجيبوا لنداءات سيمون ويزنتال، يستحقون بدون شك السخط والهجوم، والاتهام المضحك باللاسامية والنازية، والتطرف.

واذا كان هذا الهجوم يتجه مرة واحدة الى الدول ورؤسائها، والمؤسسات والافراد، فانه لا يعبر فقط عن غضب مجنون، وانما هو حملة استعداء وتحريض مدروسة، لكنه من جهة اخرى تعبير عن ازمة حقيقية، ورعب.

الازمة، هي تلك التي تعيشها اسرائيل من جهة، بسبب تداعيات الانتفاضة الفلسطينية، وتعيشها من جهة اخرى الصهيونية العالمية التي تشكل الصورة التي رسمتها لتاريخ علاقتها بالنازية، عامودا اساسيا من اعمدة ابتزازها للعالم العربي.

واذا كان الجانب الواضح الفاضح في هذه الصورة هو اسطورة الهولوكوست فان وراءها جانبا آخر، لا يقل خطورة هو حقيقة العلاقة بين الصهيونية والنازية، سواء من حيث الاساس الايديولوجي العقدي، ام من حيث العلاقات العملية المبرمجة والمنظمة فيما يخص فلسطين.

لذا كان الجنون المحموم حول ندوة بيروت، لانها لم تكن تقتصر على قضية الهولوكوست، وانما تطرح عنوانا: »الصهيونية والمراجعة«.

ولذا كان الجنون الحاد حول ندوة رابطة الكتاب، لانها كانت تريد ان تبحث حقيقة ما حصل حول الندوة الاخرى، ولماذا منعت، وماذا كانت ستناقش.

ولذا يستعر الهجوم حول الرئيس السوري، لأن من شأن طروحاته، لا ان تحرك الموضوع فقط، بل وان تعيد تحريك موضوع مساواة الصهيونية بالعنصرية في الامم المتحدة، وهو القرار الذي القت الصهيونية بكل ثقلها لالغائه.

لذا ايضا يفهم التركيز الاعلامي على ان المراجعين، او مؤيديهم هم نيوـ نازيون ونفييون، وذلك لافقادهم المصداقية، المصداقية بشأن التدقيق في الهولوكوست »بتهمة انهم ينفونه« والمصداقية بشأن الصهيونية وتاريخها »بتهمة انهم نيونازيون«. وهنا يبدو من المضحك ان يقال بان نيونازيين يعملون على فضح علاقة النازية بالصهيونية، والفاشية بالصهيونية، واظهار التحالف الذي كان قائما، خاصة بخصوص الهجرة الى فلسطين، وتدريب وحدات »الرواد« الاوائل، مدنيا وعسكريا.

اخيرا، يبقى ان حملات التحريض التي قادتها مؤسسة سيمون ويزنتال ضد افراد، باحثين او اكاديميين، او سواهم، كانت دائما مقدمة لاعتداءات انتقامية تتدرج من حرق الكتب والمكتبات الى تكسير ابواب العمل وقطع الرزق، الى اجبار المؤسسات الثقافية والعلمية على مقاطعة المعني، الى الاعتداءات الجسدية الخطيرة.. وذلك من النمسا، الى المانيا، الى فرنسا، الى الولايات المتحدة، الى السويد وسواها..

ويكون ان رابطة الكتاب تريد ان تسبغ »على اسرائيل والشعب اليهودي ملامح الشيطان«.