مرة اخرى. وها هي »الشيطنة« التي يعرفها الاعلام الغربي مصطلحا، وممارسة، والتي كتبت عنها مرارا، تتخذني موضوعا.
بالامس كتبت حول رد تصحيحي وجهته لوكالة الاسوشيتد برس، حيث اخذت مني كلاما، لاجده في هاآرتس، وفي العديد من وسائل الاعلام العالمية، مشوها، يحذف منه ما يحذف، ويضاف اليه ما يضاف. لترتسم ملامح الخبر، وملامح الصورة التي تريد الدوائر المخططة ان ترسمها للمعني.
وقبل ان يصدر مقالي، وبعد يوم واحد من توجيهي الرد رسميا للوكالة ولوسائل اعلام عديدة، افاجأ باذاعة الـ »بي بي سي« تبث عن لساني تصريحا طويلا، »صرحت« و»بحسب قولها«، ولم اكن قد تحدثت الى اي شخص من هذه الاذاعة، لافاجأ، صباح اليوم ايضا بهاآرتز تنشر على لساني كلاما لم اقله لاحد.
وعندما سألت الزميل مراسل الاذاعة البريطانية عن مصدر خبره، اجابني انه اخذه جزءا من الاسوشيتدبرس، وجزءا من صحيفة شابة كانت قبل ايام تغطي اجتماعا اعلاميا، كنت بين حضوره، وشاركت في النقاش.
ربما يطرح ذلك اولا السؤال حول جدية، ومهنية العمل الاعلامي. لكن الاهم هنا، هو ان هؤلاء الزملاء المراسلين لا يتصرفون كذلك الا بناء على ضغط من المركز، لانه يريد »فلان«، والمركز لا يريد »فلان« الا لانه يريد ابرازه، اما للتلميع، واما للشيطنة.
»الشيطنة« في المصطلح الاعلامي هي رسم ملامح الشيطان لشخص ما، لمجموعة او دولة ما، تمهيدا لتبرير حرقه، بطريقة او باخرى.
وما يراد من الحملة الاعلامية المساقة ضدي الآن، ليس امرا فرديا.
واضح انه يراد التركيز على انني منظمة لندوة رابطة الكتاب، انني اتحدى الحكومة وتحديدا وزير الثقافة، وانني ساتحدث في الندوة عن نفي المحرقة، وكفى.
وفي حين ان النقطتين الاوليين لا اساس لهما من الصحة، فان النقطة الثالثة، وهي الاساس، تشكل عقدة القضية.
لقد قلت في ردي التصحيحي، كما قلت في تصريحات اخرى، وبتركيز: ان ما اريد التركيز عليه هو ثلاث نقاط: دور التدخل الاجنبي الذي قاده المجلس اليهودي العالمي للضغط على حكومة عربية لمنع نشاط ثقافي، واستنكار ذلك.
استنكار الدور الذي لعبه مثقفون عرب في التغطية على ذلك، وتبريره.
واخيرا دحض التمويه الذي تم الترويج له حول موضوع المؤتمر، الذي كان »الصهيونية والمراجعة« حول نيونازية المشاركين، واخيرا للتمييز بين »النفيية« و»المراجعة« او »التدقيق« لان النفيية تعني نفي جرائم هتلر وبالقياس سواه من المجرمين، وهذا ما يرفضه كل انساني. في حين ان المراجعة هي اعادة القراءة والتدقيق لفرز الحقيقة عن الكذب والتضخيم والابتزاز والاستغلال السياسي للاسطورة.
غير ان وسائل الاعلام الغربي ومن ورائها »العربية« الناقلة، تهمل كل ذلك. لان المطلوب ان يظل التمويه قائما سواء على دور المؤسسات اليهودية والغربية في الضغط على لبنان. او على دور المثقفين الاربعة عشر الذين »استحقوا ثناء الجهات المعنية في العالم« بحسب هاآرتز.
او على مضمون ما يمكن ان يوضح الموقف العلمي الموضوعي الذي نتبناه.
في رسالة وجهها مركز سيمون ديزنتال لرابطة الكتاب قال الحاخام كوبر: »ان الهدف واضح، وهو تصوير اسرائيل والشعب اليهودي بصورة الشيطان«.
فهل هو دورنا لاكتساب ملامح الشيطان؟