القوى الفاعلة!

الشرق الأوسط، 14-04-2001

اكثر من وسيلة للضغط على تركيا لجأ اليها شيمون بيريز، بحسب ما تناقلته وسائل الاعلام.. لم تعط على ما يبدو النتيجة التي يريدها صاحب مشروع الشرق اوسطية. واخيرا.. كان الضغط بواسطة التلويح بالتأثير اليهودي، الاسرائيلي على المؤسسات الدولية للتمويل والاقراض، هنا تتداعى جميع الاسوار المنيعة، ويرضخ السياسيون ويعلق المحللون، ان هذه الوسيلة المشكلة من عصا وجزرة هي ما يجعل تركيا تقول نعم لبيريز.. ما يجعلها بحسب احدهم تتمسك بورقة التوت التي يحملها بيريز لستر عري وضع اقتصادي مأزوم ومرتهن.

هذا في اسطمبول.

في بيروت ايضا، يحاول المجلس اليهوي العالمي، واسرائيل الضغط على الحكومة اللبنانية لمنع مؤتمر علمي بحثي للمؤرخين والباحثين المراجعين، من كل الجنسيات، وعندما لا تستجيب حكومة بيروت، تتدخل المؤسسات المالية الاوروبية والدولية، التي لجأ اليها الحريري في اجتماع باريس، لاعادة جدولة الديون وتأمين تمويل اعادة الاعمار، فتمارس ضغوطها وتهديداتها، وتنصاع بيروت، رغم ما في ذلك من تعد واضح على الحريات الاساسية، ومن موقف مدان ازاء مقاومة الصهيونية وتعريتها.

في القاهرة، شهدت الحكومة المصرية، وعندما تمسكت بموقف يرفض ان تكون مصر عصا تسلط على يد عرفات لوقف الانتفاضة، ضغوطا مشابهة، تمثلت في الدعوات التي سمعناها الى وقف المساعدات الاقتصادية لمصر.

في عمان، وقبل سنوات، لخص الدكتور عبدالسلام المجالي الموضوع بعبارة صغيرة، وبصراحة تحترم »لا ارادة حرة لمديون«.

واذا كانت بيروت قد حاولت تغطية موقفها القمعي الراضخ، باستدعاء بيان لبعض المثقفين العرب في فرنسا، فان دور هؤلاء لا يتعدى دور محامي الشيطان، او دور »مثقف القصر« او صانع »الفتوى المطلوبة« لتبرير عمل السلطان، وهم بدورهم خاضعون ايضا لاغراءات قوى محلية ودولية، و»كل وحجمه!«.

اذن..

ـ هل يعني الامر ان ثمة قدرا ماليا، اقتصاديا، ثقافيا سياسيا لا بد من التسليم به وله؟

ـ هل يعني التسليم بالمقولة الشائعة: طالما ان اليهود يسيطرون على قوى المال في العالم، ومنها المؤسسات الدولية، فانه لا حول ولا؟

الجواب يطل من اشارات كثيرة منها:

دعوة مصر خلال القمة الاخيرة الى قمة اقتصادية عربية، في محاولة لتشكيل قوة اقتصادية عربية ما.. ومنها تذكر حادثة حصلت قبل سنوات، وهي مطالبة يهودية لسويسرا بدفع تعويضات مالية عن احداث »الابادة« في الحرب العالمية الثانية.. وعندما اصرت البنوك السويسرية، ومعها الحكومة، على رفض الدفع، صدر تهديد امريكي لهذه البنوك، بان تجعل واشنطن »اصدقاءها« يسحبون ارصدتهم من البنوك السويسرية، وذلك ما اجبر هذه المؤسسات على الانصياع، والدفع.

فمن هؤلاء »الاصدقاء« الذين يملكون ارصدة تخيف البنوك السويسرية؟

واليس من سبيل لجعلهم يضغطون في اتجاه آخر؟

هذا في حين نترك الحديث عن قضيتين اساسيتين اخريين الى مجال آخر وهما:

ـ النمط الاستهلاكي لحياتنا الاقتصادية ونتائجه.

ـ ودور المثقف في هذه القضية.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون