هل ستكون نتائج الانتخابات المحلية التي جرت هذا الاسبوع في فرنسا مؤشرا على ان جمهورية الجنرال لن تنعم برئيس قوي في المرحلة القادمة؟ سواء مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2001، او الانتخابات نفسها، وما بعدها.
وماذا سيكون تأثير ذلك علينا نحن في العالم العربي؟
بعد مئة سنة ونيف من سيطرة اليمين على عمدة باريس، تتدحرج العاصمة الى يد اليسار الاشتراكي ومثلها مدينة ليون، فيما يعد صفعة شديدة للرئىس جاك شيراك الذي تعتبر باريس معقله الرئيس.
فهي التي اوصلته بعد سبعة عشر عاما من حكمها الى حكم فرنسا.
ورغم ان انتصار الاشتراكيين لا يعني انهم الاقوى فيها بشكل مطلق، اذ ان اليمين حصل على نسبة اعلى في الاقتراع الشعبي، في حين حصل اليسار على عدد اكبر من المقاعد، هذا من جهة، من جهة ثانية كان لانقسام اليمين بين سيفين وتيبيري دور تفشيلي حيث ان مجموع ما نالاه 36% + 13% يعادل ما ناله ديلانوي 49%، ومن جهة ثالثة لا يمكن تجاهل تأثير الفضائح المالية والفساد التي احاطت بتيبيري، رجل شيراك في البلدية.
كذلك في ليون، فاز اليسار بالمقاعد، غير انه تخلف عن اليمين في نسبة الاصوات.
لكن باريس وليون ليستا كل فرنسا، وهناك على مستوى الكل، قالت التعليقات ان موجة زرقاء »لون اليمين« غلبت على البلاد، في اشارة الى ان اليمين هو الرابح الاكبر على مستوى البلاد.
فهل يعني ذلك قوة لليمين كتيار، كأحزاب، واضعافا للرئيس شيراك نفسه؟
وبالتالي هل يعني ذلك انه لن يكون المرشح القوي الكاسح في الانتخابات الرئاسية القادمة؟
على صعيد اليسار، كانت الصفعة التي تلقاها ليونيل جوسبان اشد واقوى، فلقد فشل جميع وزرائه المرشحين، كما خسر الاشتراكيون معارك حاسمة، وخرج الشيوعيون صفر اليدين تقريبا، مما اطلق عليه المعلقون: نهاية الشيوعية على صعيد الحكم المحلي.
اذن، اية حكومة هي التي ستدير البلاد بوزراء قال لهم الشعب: لا؟ والا تعني هذه اللا، لا لرئيسهم ايضا؟ وماذا سيكون بالتالي انعكاس هذا الضعف المزدوج: ضعف اليسار وضعف مرشحه الرئاسي، على المعركة الرئاسية القادمة؟
غير ان المهم في كل ذلك بالنسبة لنا، هو انعكاس الامر على قضايانا نحن.
لا شك في ان اليمين الديغولي، والديستاني، والشيراكي، وحتى اقصى اليمين، هم اكثر تعاطفا مع القضايا العربية، من العراق الى فلسطين، الى المقاومة اللبنانية، ولا ينسى احد ان شيراك بدأ عهده الرئاسي بحملة ديبلوماسية باتجاه استعادة علاقات اولوية مع العالم العربي، من مصر الى لبنان وسوريا، الى فلسطين، والقدس.. هذا اذا لم نعد الى استعراض تاريخ العلاقة العربية مع رؤساء الجمهورية الخامسة اليمينيين، خاصة فاليري جيسكار ديستان الذي كان للوبي اليهودي دور كبير في اسقاطه وايصال الاشتراكية الميترانية مكانه، والسبب الذي حدد علنا: موقفه من اسرائيل والعرب.
بالمقابل لا يمكن لاحد ان ينسى ايضا موقف جوسبان من المقاومة الوطنية اللبنانية، الذي لا بد وان ينسحب على اية مقاومة عربية يعتبرها ارهابا هو الذي شارك عام 1986 في الدولية العالمية لمكافحة الارهاب، التي اسسها هنري هاجدنبرغ الرئيس الحالي للمجلس التمثيلي ليهود فرنسا، والمعروف بعلاقاته بمئير كاهانا، اي بأقصى التشدد الاسرائيلي، اي بشارون.
غير ان القسمة لا يمكن ان تكون بهذا الحسم النظري، ففي صفوف اليسار اصدقاء، من مثل جان بيير شفينمان، او كلود شيسون.
وفي صفوف اليمين متشددون متعصبون لاسرائيل من مثل جان بيير بيير بلوش وغيره.
واذا ما لاحظنا ان بين وزراء اليسار المهزومين في الانتخابات رموز مؤيدة لاسرائيل وللوبي اليهودي، مثل جان كلود غايسو »صاحب القانون المشهور: فابيوس – غايسو« وكاترين تروتمان، وجاك لانغ وغيرهم.. لادركنا ان امام العرب دورا بامكانهم ان يلعبوه في الانتخابات الرئاسية القادمة.