في عدد الامس كتب الدكتور ابراهيم بدران متسائلا: اليس من نهاية للتعويضات الالمانية لاسرائيل؟ وذلك بمناسبة تقديم المانيا ثلاث غواصات نووية جديدة لاسرائيل، واعتبار ثمنها جزءا من… التعويضات.
تساؤل يعيدنا الى ما كتبه ناحوم غولدمان في مذكراته حيث قال: لا اتصور كيف كان يمكن ان تقوم دولة اسرائيل لولا التعويضات الالمانية، وفي فقرة اخرى يروي بالتفصيل كيفية حصوله على التعويضات النمساوية ايضا.
غير ان ما لم يقله غولدمان، وما ظل سرا قسريا، الى ان تصدى له المؤرخون المراجعون في العالم، والمؤرخون الجدد في اسرائيل نفسها، امران في غاية الخطورة:
الاول كون قصة الهولوكوست التي بنيت عليها عقدة الذنب الغربية والتعويضات، اسطورة، تنطوي على اكاذيب واهية في تسعين بالمئة من روايتها.
والثاني هو التعاون الوثيق بين الصهيونية والنازية، في مجالات متعددة، بدءا من تنظيم الميليشيات الصهيونية، الى تدريب المهاجرين الرواد على المهام الزراعية والصناعية تمهيدا لهجرتهم الى فلسطين، هذه الهجرة التي كان يتم تنظيمها بدقة بين الطرفين: الالماني والصهيوني، خاصة عبر اتفاق الهافارا، الذي قايض بين الهجرة، وفك الحصار الاقتصادي عن المانيا النازية، عبر شركات التأمين.
وبما ان هذين الامرين اكذوبة الهولوكوست، والمسؤولية النازية ـ الصهيونية المشتركة، يهددان تدفق النبع الذي تحدث عنه غولدمان، فان اللوبيات اليهودية في كل انحاء العالم قد تصدت بشراسة لا مثيل لها لكل من حاول كشف حقيقتهما، ولاننا اصحاب مصلحة اساسية في هذا الكشف، كوننا المتضرر الجوهري، فالدول الغربية، بما فيها المانيا، تخسر اموالها، اما نحن فنخسر ارضنا واموالنا وفرص التنمية والتطور التي يعيقها النزيف المستمر، والتهديد المستمر لوجودنا فان على اعلامنا، على باحثينا ومترجمينا، ان يعملوا على تقويض هذا الاساس الواهي، وبناء اساس آخر لمصلحتنا، يقوم سياسيونا باستغلاله لتوجيه علاقة الغرب بنا وبالتحديد علينا التركيز على نقاط محددة:
ـ دعم المؤرخين المراجعين اينما كانوا، والافادة من ابحاثهم كاساس لصياغات جديدة نقوم بها نحن.
ـ صياغات لا تعتمد فقط تكذيب مبالغات الهولوكوست وانما تحل محلها، مقارنات مع حجم المجازر الحقيقية التي تعرضنا، ونتعرض لها على يد الغرب واسرائيل.
ـ صياغات، تركز بشكل علمي عميق على التماثل الايديولوجي بين الفكر النازي العنصري العرقي المتعالي، والفكر الصهيوني المماثل، وتناقضهما بالتالي مع خطنا الفكري المستمر منذ سومر وبابل وكنعان حتى الحضارة العربية الاسلامية، وحياتنا المعاصرة. ـ ومن ناحية اخرى ابراز الوقائع التاريخية الوثائقية التي تبرز مسؤولية المانيا النازية ازاءنا لا ازاء اليهود..
على ان لا نكتفي باصدار ذلك باللغة العربية وانما باللغات الاوروبية الحية.
افكار لا بد من وضعها امام الباحثين، امام الاعلام، وامام القمة القادمة.. وخاصة امام مشروع انشاء فضائية عربية ناطقة باللغات الاجنبية.