العراق عائد

العراق، 28-01-2001

العراق عائد، وسجادة العودة لا تنسج امام الدار، بل في الغرفة الخلفية، او التحتية.

سجادة العودة لا تنسج من عواطف ومشاعر انسانية، وانما من مصالح طلبا لمكاسب او اتقاء لخسائر.

سجادة العودة لا يمكن ان ينسجها العراقيون بمفردهم، ولا الولايات المتحدة بمفردها، ولا سائر العالم من شرق وغرب، كل بمفرده.

لكل مصلحته في عودة العراق، ولكن ضمير الهاء هنا يختلف كثيرا من هذا لذاك.

اختلاف اختصره كولين باول – كما خطاب العسكريين عادة – بعبارة: السيطرة على النفط، لحسم المواجهة المقبلة بيننا وبين اوروبا واليابان.

مواجهة، صورتها، ذراع تلتف في عناق، واخرى تلتف وفي يدها خنجر من وراء الظهر.. لقاء يتبادل فيه المتحاوران المصافحة والابتسامات والمجاملات الدبلوماسية، فيما يحفر فيه جماعة كل طرف تحت كرسي الطرف الآخر.

مواجهة لم تكن حرب العراق الاولى فيها، لكنها كانت الاكثر حسما، ولم تكن حرب يوغوسلافيا، الاخيرة فيها، لكنها كانت الاكثر مفصلية في بروز التحول.

واذا كان الجنرال ديغول قد قال بوضوح منذ عام 1969 لاندريه مالرو: »في اليوم الذي يعي فيه الاميركيون انفسهم اسيادا للعالم، سوف ترون الى اي مدى تصل امبرياليتهم«.

فإن جان بيير شيفنمان قد صرح لجاك ايسنار في 13 تموز عام 1990 قائلا: »ما سيشكل معيار الحسم في السنوات المقبلة هو الطريقة التي سنعرف بها كيف نشرك دول الجنوب في تنمية السوق الاوروبية الكبيرة.. لان فشل التنمية اضافة الى البؤس والكبت سيؤدي الى ارتداد والى هزات عبر المتوسط، لا يستطيع توازن المجتمع الفرنسي مقاومتها« ليعود فيعلن بشكل اوضح بعد بدء ازمة الخليج:

»ان اهدافنا السياسية ليست اهداف الولايات المتحدة واسرائيل«.

واذا كان هذا ما يلخص الموقف الاوروبي بعامة، فان زعيمة المعارضة اليابانية في فترة الحرب قد عبرت عن ذلك بشكل اكثر تفصيلية، ولم يكن من المصادفة ان تخصص لها الصحف الاوروبية بعد الحرب صفحات كاملة.

لكن ارقاما اخرى عززت دخولها الى المعادلة بعد التسعينات، وعلى الاخص الرقم الاسيوي الذي يكتب بلغة لا هي العربية ولا الرومانية، لكنها اكثر تعقيدا وضخامة من الاثنتين.

ازاء هذا التشابك المتنامي، تتسع دائرة اللعب المتاح للعراق، تزداد في يده خيوط النسج، وتتكوم امامه نماذج الرسوم والنقوش ولكل منها رمزه ودلالته.

ويظل انه بينها جميعا، ينسل خيط خطير آخر، فريد في مادته، هو خيط الحياكة اليهودية، المنتشرة كشبكة العنكبوت على امتداد العالم، واتساع المجالات.

بكل هذا التعقيد، تحاك سجادة العودة، التي تدل مؤشرات كثيرة الى انها بلغت مرحلة متقدمة. مؤشرات لا تخرج عنها المبادرات الاخيرة، خاصة اللهجة المتصاعدة التهديدية ازاء الكويت، او الكشف عن عقود ضخمة، غير مباشرة لصالح نائب الرئيس الجديد.. او منطق ان العسكري الذي يصل الى الانتصار يكون سيكولوجيا، الاقدر على صنع المصالحة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون