نوايا!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 08-01-2001

مضحك مبك، بسوريالية مطلقة تعبير »اعلان النوايا« الذي تتداوله الجهات المحيطة بالمأساة الفلسطينية.

اية نوايا؟

أهي نوايا اسرائيل والصهيونية ويهودها؟ ام هي نوايا ما يسمونه بـ»الطرف الفلسطيني« في تعبير مؤلم اخر..

وما المطلوب اعلانه؟

فهل ثمة من مخفي بعد.. وحتى قبل؟

هل يحتاج الامر الى اجتماع وتداول واصبع اسرائيل يخترق بؤبؤ عين الجميع؟ هل ثمة توريات او استعارات او كناية او غيرها من اساليب البيان والبديع والبلاغة التي يعشقها العرب، في قول اسرائىل الواضح انها لا تريد شيئا سوى وقف الانتفاضة مع اصرارها على تسميتها: »اعمال العنف«، في دلالة اخرى واضحة على تعاملها، والراعي الصالح مع المسألة.

هل تحتاج النوايا الى اعلان، سواء بشأن الارض ام بشأن القدس، ام بشأن اللاجئين؟

هل من مخفي عقديا او سياسيا او امنيا؟

فهل المطلوب ان يعلن الفلسطينيون عن نواياهم الصادقة، في الاستسلام غير المشروط للاحتلال، في التخلي عن القدس الا بعض فتات الخدمات التي تطلب منهم فيها اسرائيل، والاهم في بيع فلسطينية ملايين اللاجئين المودعين في صناديق المخيمات المبعثرين على صحارى الاغتراب بثمن يحدده »المانحون« الذين يمنحونك قروشا، ليسلبوك وطنا.

بل هل المطلوب ان يعلن الفلسطينيون عن صدق نواياهم في عدم اقلاق اسرائيل وتهديد هدوء يومها بفوضاهم المزعجة، وتمردهم المستعصي على الموت، موتهم الذي يعلن استمرار حياتهم ويزلزل اركان حياتها وربما زلزل الركود العربي ولو على المدى البعيد، فأفشل مشروع التهويد الكامل للمنطقة؟

المطلوب كل ذلك مرة واحدة..

فلا مشروع الشرق اوسطية، يستقيم بدون »الامن« ولا مشروع التهويد يستقيم بدون »الامن«، ولا استمرار الهجرة والاستيطان يستقيم بدون »الامن« ولا التعاطف الدولي يستمر بدون »الامن« ولا فضيحة المشروعية تبقى مستورة بدون »الامن«، ولا وجود اسرائيل كله يبقى مضمونا بدون »الامن«.

اذن..

فهؤلاء المتمردون يفشلون المستتب والمخطط كله ولذلك يثيرون الرعب.. رعب هو وحده ما يفسر حجم العنف والوحشية المضادين.

هؤلاء المقموعون، المقصوفون، المحاصرون المضطهدون في غزة والضفة، هم في الواقع العميق وبكل آلامهم يحاصرون عدوهم، ويقررون مصيره..

يقررون على المستوى الوجودي الاساسي ولذلك يقررون على المستوى التفصيلي الآني.

أولم يقرروا مصير حكومة باراك؟ كما قررت قانا الشهيدة مصير حكومة شيمون بيريز؟

أولم يقرروا بشكل ما وبنسبة ما مصير الانتخابات الرئاسية الاميركية؟

فلو ان كلينتون وفريقه اليهودي بكله، استطاعوا التوصل الى فرض اتفاق، اما كان ذلك سيعدل نسبة الاصوات القليلة التي فاز بها بوش؟

ألا يجوز بذلك القول، ان صبية الحجر تمكنوا من منع وصول ليبرمان الى البيت الابيض، وبالتالي أليس من الواضح ان اللهفة التي تدار بها الامور الآن، من جانب الادارة الاميركية اليهودية واسرائىل يعززها من جانب الاولى – فيما يعززها – الحرص على تسجيل مكاسب في سلة كلينتون والديمقراطيين تختزن وتفعل، لمعركة الرئاسة الاميركية المقبلة بعد اربع سنوات، ربما بليبرمان او بمن هو اكثر صهيونية منه؟

كما تعززها من جانب الثانية – فيما يعززها – حسابات المعركة الانتخابية الاسرائيلية.

معركة تطرح علينا المفاضلة بين مجرم فردان، وجزار صبرا وشاتيلا.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون