هؤلاء…
بالقياس العددي، حفنة..
بالقياس القومي، محافظة
بالقياس التسلحي،كفة لا مجال لها للتعادل مع مقابلتها….
ورغم ذلك، فهم، كذاك الجد الكبير، يملأون الدنيا، ويشغلون الناس.
ليس فقط على الصعيد الاعلامي، والسياسي على امتداد العالم . بل، وايضا على صعيد الفعل والتأثير:
فببساطة: لو ان كلينتون نجح في التوصل الى فرض اتفاق في كامب ديفيد، او الى وقف الانتفاضة عبر اتفاق شرم الشيخ، لنجح الديمقراطيون في الانتخابات الامريكية.
ولو ان باراك نجح اما في فرض اتفاق او في وقف الانتفاضة لما اضطر الى الاستقالة حتى لو قلنا ان استقالته تكتيكية، ومعروفة الاهداف، فان ذلك لا يلغي كونها فرض الانتفاضة.
واليوم، سيقرر الفلسطينيون ايضا مصير باراك، وربما حيزا كبيرا من مصير الحزب الديمقراطي الامريكي في الانتخابات المقبلة بعد اربع سنوات.. ومصائر اخرى، واخرى…
مبالغة؟!
لا….. فهؤلاء، وهم يفاوضون مصير قضيتهم، وشعبهم وبلادهم، انما يفاوضون بشكل تلقائي وغير مباشر مصير الاخر المقابل او المتورط معهم.
هنا تكمن قوتهم… قوة وفد صغير، يمثل قضية كبيرة.
لكن..
مكمن القوة الحقيقي
هناك… بعيدا، بعيدا عن غرف المفاوضات المكيفة، الغريبة، على الاراضي الغريبة…
مكمن القوة.. هناك على الارض الام، في الشوارع الام… تلك التي تهدر بناسها تودع في شرايينهم دماءها، فيردونها بسخاء، وتخصب هي بسخاء اكبر… هناك… حيث المهود حميمة، والمقابر حميمة والسلاح حميم.
وكلها تخوض معا حرب البقاء.
تسقط ادعاء شعب بلا ارض … وتسقط ادعاء شعب يقاتل على غير ارضه… تسقط اتهام الارهاب واسطورة القوة التي لا تقهر، تسقط اعذار الانظمة العربية.. وتسقط كفا العالم – ولو جزئيا – عن عينيه.
لا شيء مكتمل بعد…
لا شيء كاف للتفاؤل القطعي بعد..اشياء كثيرة جديرة باثارة الخوف والتوجس، وحفظ اليد على القلب…
لكنها البداية…
وما تحقق قد تحقق ايا تكن الوقفات، الخطوات القفزات او الانتكاسات.. وما تحقق ليس بالقليل ولا باليسير، في سياق تأسيس مرحلة جديدة فاصلة في صراع تاريخي وجودي لا يمكن قراءته بمنظار الصحيفة اليومية …صراع لا بد من قراءته من منظور تاريخي يتجاوز الخطط الخمسية، والعشرية – الا باعتبارها مراحل تكتيكية في خط استراتيجي بعيد، مصيري.
مراحل لا تزال بحاجة الى اخرى واخرى، الى تحولات كبيرة في حالة الاستنهاض، خاصة القومي.
مراحل… حققت هذه الانتفاضة منها الكثير، الكثير، الذي صنفه حسن نصر الله في سبع نقاط
مفارقة ان تكون درجات الهبوط الى العالم الاسفل في تراثنا الاسطوري سبع، وبالتالي درجات الخروج منه سبع.. سنوات القحط سبع، وسنوات الخصب سبع، لعلها اذن بداية نهاية سنوات القحط يحققها هؤلاء الشباب البعليون، العناتيون، في حواري كنعان…