حراس الذاكرة

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 21-12-2000

زواريب..

زاروب..

من عكا الى بيروت..

من سامية البكري الى رفيق علي احمد.

مسرحيان عربيان: الاولى تحاول عبر المسرح ان تكرس المكان المعرض لتبديل الهوية..

والثاني يحاول عبر المسرح ان يلتقط ملامح المكان وقضايا ناسه المعرضين لجراحة تغيير الملامح.

كلاهما معرض لجراحة تغيير الملامح، مكان سامية الفلسطيني، ومكان رفيق اللبناني، وما تتم محاولته على المكان، تتم محاولته على الانسان..

لكن:

عكا تهددها عاصفة حضارية، وجودية كاملة، تريد ان تجعل انفها اكبر وعينيها اصغر، ولسانها عبريا.. مرض قادم من خارج.

وبيروت تهددها جراثيم امراض داخلية تنخر في العظم والدماغ، وتجعل محو الملامح الخارجي مجرد تعبير، نتيجة.

»والمسرحيان ينصبان نفسيهما حارسا للذاكرة«.

لماذا اكتب عنهما الآن؟

لان رفيق كان الامس ضيف برنامج حوار العمر في التلفزيون اللبناني، وكان يتحدث عن عمله المونودراما: زواريب فاتصلت به سامية هاتفيا من عكا، تحدثه عن عملها المونودراما: زاروب..

كان رفيق مشحونا بالنقمة على الطائفية، والفساد، واللاعدالة الاجتماعية ومحاولة قتل الهوية عبر قتل اللغة، وقتل المكان.. آلام الحرب الاهلية وما قبلها وما تلاها.

وكانت سامية مشحونة بحس اخر، توق متلهف لما هو عربي عبرت عنه بالتوق للقاء فنان عربي، او عمل عربي: شوق السجين المبعد الى الاهل والناس، ناسه، والذات، ذاته – هويته، وعبرت عنه بالكلام عن التواصل الروحي »أهو بديل التواصل الفعلي الحياتي المستحيل؟«.

كما كانت مشحونة بعشق لهوف ايضا للمكان، عشق ام لولد مهدد بالانتزاع، بل عشق الانسان لما هو الانا والهنا والاسم والعلامات الفارقة في الوجه وعلى اليدين.. والمهدد كله بالامحاء.

ثمة اختلاف بين نقمة رفيق وحرقة سامية؟

لا.. فكلاهما ينكب بحنان على الذات والمكان ويدافع عنهما بأدواته.. يدافع عنهما ضد تهديد: امراض داخلية، لو لم تكن، لما كانت حالة الاحتلال والسلب، ولما استمرت.

لكن الملفت في الاتصال الهاتفي التلفزيوني انه بدا واضحا ان سامية تعرف رفيق والساحة الفنية العربية جيدا، بينما بدا واضحا ايضا انه هو، لا يعرف عنها شيئا، ولم يعرف حتى اسمها.

ولانني كنت اول من كتب عن رفيق علي احمد على ساحتنا هنا، وربما اول من كتب عن سامية البكري، ومن الذين تناولوا كثيرا نص الشاعر السوري ممدوح عدوان »الزبال« الذي اعد عنه رفيق مسرحيته، فان اول ما تبادر الى ذهني هو ان الثقافة هي التي تكرس حقيقة الواقع القومي، والانتماء.. تحت كل طبقات التقسيم والتجزئة والامراض والاحتلال..

لكن..

مرة اخرى: ثمة سؤال اطل من هنا وهو:

عرفت رفيق في عمّان من خلال تجربة فرقة اسميت في حينها »الفنانون العرب« وادعت انها تريد ان تحقق في مجال الفن ما لم يتحقق في مجال السياسة.. فهل كان ذلك مجرد ادعاء.. ام ان كل واحد نسي الامر مع عودته الى بلاده؟

وتاليا: كيف يطرح المعنيون بذلك قضية فناني الارض المحتلة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون