بليغة ناطقة تلك الصورة التي نشرت لباراك مع رئيس واعضاء لجنة التحقيق.
بليغة في الأيدي المتشابكة تراثياً، ويمىن باراك فوقها جميعاً.. وفي لغتنا الدارجة نقول ان “فلان يعمل تحت يد فلان…”.
بليغة في وضعية رأس باراك وابتسامته مبتلعة شفتيه في تعبير تمتزج فيه السخرية، بالمكر.. تعبير يعيد الى عبارة بالغة الخطورة قالها في “خطابه السري” الذي تسرب بسحر ساحر الى الاعلام والجمهور، كمقدمة للاستقالة، وليفعل فعله في الناخبين لما بعد الاستقالة…
والآخرون.. الرأي العام العربي والعالمي، يسأل معلق من الذين رباهم الاعلام العربي المتلقي، الببغائي؟
هؤلاء: العربي اولاً؛ لا حساب له في ساحة التحدي.. بل قد تكون المبالغة في تحديه وسيلة سيكولوجية لاحباطه… اما الثاني، الدولي، فاللوبيات اليهودية، والعقل والحس الغربيان المتهودان، كفيلة به.. وكفيلة بلي عنق الحقيقة وصنّاع القرار، حتى اعلى الهرم…
ولنعد الى العبارة:
“كنت أضحك في سري والاعلام وبعض السياسيين يهاجمونني لاعتقادهم بأنني انبطح امام الزعماء العرب.. وانني سأقدم تنازلات على الارض.. لقد تحدثت عن بعض الخطوات، وربما على الورق، لكنني لم أنفذ شيئاً على الأرض، وكنت اخطط لتفجير الامور، عندما يحين الاوان”.
ألا تكفي هذه الجملة لجنة التحقيق الموقرة؟
ألا يكفي المسؤولين الفلسطينيين أن يزودوا اللجنة المحايدة، بخطاب باراك؟
ألا تكفي نظرة الى ابتسامته، لتكشف انه يضحك في سره، من اللجنة ومن التحقيق؟
ألا يكفي ذلك كله لبيان كيف يمكن ان يتحول اي مطلب الى مهزلة مبكية، اذ يفرغ، ويتشكلن، فيعطي طرف تلبية صورية تنقلب الى ضد ما أريد، ويعطى الطرف الآخر غطاء يستر التشوهات الأخلاقية والانسانية والسياسية، ويزور الصورة؟
ليس المهم أن نضع مطلباً، ولا المهم من يوافق عليه، المهم هو من ينفذه وكيف.
هكذا! طالبنا بـ “لجنة تحقيق”، فاعطونا لجنة تحقيق.
طالبنا بحياد الولايات المتحدة، فأعلنت لجنة ميتشل الحياد بين القتيل والقاتل.
بعد أن تكرمت وزارت المنطقة من السحور الى الافطار..
وبذا حققنا منجزاً (إن لم نقل انتصاراً)، وانتزعنا من اسرائيل وواشنطن تنازلاً، اصبح علينا بالمقابل أن نقدم تنازلاً مقابلاً له!!
وصدقنا!
او اردنا ان نصدق، وان نفرض على الآخرين التصديق.
لكن الناس، الناس.. البسطاء الحقيقيين، الذين لا تغشى عقولهم خشية انفضاح، اياً يكن نوعه، ولا مكابرة مراهنات، ولا تجحظ عيونهم في توهج مصالح يطغى على الدم والحقوق، ويحوّر وظائف العقل والحواس الخمس. ّهؤلاء الناس، لا يصدقون…
لأنهم يصدقون انفسهم..
يصدقون ايديهم المشتبكة بيدي جندي اسرائيلي، او ببندقيته، الرافعة لنعش شهيد، او الحانية سريعاً على جرح مصاب.. ايديهم التي انشغلت بلملمة بضعة من اشياء منزل، قبل أن يبتلعه وبقية الاشياء، شدق جرافة، واغتصاب مستوطنين…
الناس الناس، اعلنوا عدم حيادهم، فأُعلن وجودهم، ولم يحتاجوا السر، ولا المكر والخبث ليضحكوا، احتاجوا فقط للمرارة، كل المرارة، للنقمة كل النقمة، للغضب كل الغضب كي يضحكوا ويصرخوا، من حياد السناتور.. ومن…