صعود اليمين!

شؤون دولية، 06-12-2000

هل سيعود نتنياهو الى الحكم؟ اولا، وقبل اية اجابة، نضع جانبا وهم ان من شأن اي تغيير بين العمال والليكود، ان يغير شيئا في الاساسيات التي تقوم عليها السياسة الصهيونية. او حتى في السلوكيات التي تترجم ذلك، بحيث لا ترى في اغتصاب ارضنا الا تحريرا، وفي موتنا، الا عقابا عادلا، وتطهيرا، وفي التعامل معنا، الا تعامل الانسان المختار مع العجماوات.

ولكن، قد تختلف الاساليب، وقد تختلف الاجتهادات، وقد يلتقي بعضها ويفترق الاخر.

فباراك صاحب نظرية »العمل وراء خطوط العدو« مثلا، ونتنياهو صاحب نظرية »حق التعقب« »بمعنى تعقب العدو حتى داخل اراضي الدول الاخرى«. يلتقيان في الفكرة ولكن قد يختلفان قليلا في الاخراج، فاذا احدهما اكثر خبثا وخطرا.. والآخر اكثر فجاجة..

الخلاف على الاساليب، برز في اكثر وجوهه، حول التعامل مع السلطة الفلسطينية، وغزة، التي يسميها نتنياهو »جيب غزة«، باعتبارها برأيه »جيبا ارهابيا«.

خلاف يحدده الرجل الليكودي في كتابه امن وسلام، الصادر بالانجليزية والفرنسية، عام ،1996 بقوله:

»لقد ارتكبت الحكومة الاسرائيلية ستة اخطاء عرقلت كليا قدرتها على القيام بعمليات مكافحة الارهاب:

1 ـ انها حاولت معالجة مكافحة الارهاب بالاعتماد على الارهابيين انفسهم.

2 ـ غلت ايدي قوات امنها، بحرمانهم من حق الضرب في المناطق الارهابية خالقة بذلك مناطق غير قابلة للانتهاك، مرتعا خصبا للرعب.

3 ـ اطلقت سراح الاف الارهابيين السجناء، فاستأنف اكثرهم نشاطه.

4 ـ سلحت الارهابيين عندما سمحت بتهريب الاسلحة الى غزة.

5 ـ منحت حرية التنقل لشخصيات من منظمة التحرير الفلسطينية.

6 ـ خانت عملاءها العرب، فخسرت مصدر معلومات هاما، بخصوص الارهاب في المناطق التي انسحبت منها«.

هل سيعمد نتنياهو الى تصحيح هذه »الاخطاء« اذا ما عاد؟

كيف سيصلحها؟

وهل سيصل فعلا؟

اسئلة، لا تبدو الاجابة عليها صعبة، كما انها لا تبدو قطعية.

فبديل »الخطأ« نقيضه، ولكن كيف سيصل الى ارساء النقيض »التصحيح«؟ هنا يتعدى الجواب، عناد اسرائيل بليكودها وعمالها، لأن ثمة شعبا آخر، فرض نفسه معادلا وطرفا بل الطرف الحاسم، وثمة ظروف قومية واقليمية، وحتى دولية متغيرة.. وان ببطء قد يبدو محبطا لمن ينتظرون العصا السحرية، ويقرأون التاريخ والسياسة، بايقاع الانقلابات العسكرية.

اما السؤال الاخير: هل سيصل؟ فثمة عاملان يرجحان كفة في الجواب عليه:

1 ـ البركان المتفجر على ارض فلسطين، والمنعطف اللبناني، والتحول العربي الذي يسجل كله فشلا لباراك والعمال.

2 ـ التوجه الدولي داخل القوى والمنظمات اليهودية، المتميز بصعود اليمين »اقصى اليمين« وسيطرته عليها.

وخير مثالين الولايات المتحدة وفرنسا، وهما المعقلان الرئيسيان للوبي اليهودي حيث نجد ان اول مرشح يهودي لرئاسة الاولى هو تلميذ لمئير كاهانا. في حين ان تلميذا آخر له هنري هاجدنبرغ، يترأس المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا.

وذلك بعد صراع طويل خاضه اليمين المتطرف منذ بداية الثمانينات للسيطرة على الطائفة اليهودية في فرنسا، وتحويلها الي قوة ضغط سياسي »لوبي« مرتبط مباشرة باسرائيل، وباليمين المتطرف فيها.

غير ان نجاح اليمين وتقدمه داخل المعسكر اليهودي، لا يعني نجاحه السياسي بدليل تجربة ليبرمان.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون