عندما يتبجح عدوك بيدك التي توجعك، فانه يملي عليك الحل الذي يكمن في معالجتها، كي لا يظل بامكانه ان يمسكك منها.
صحيفة اجنبية متصهينة، تعبر عن اطمئنانها الشامت الى ان »الرجل ذا الكفية« بحسب تعبيرها، لا بد له في النهاية، ان ينصاع لضغط الرجل الجنرال او اي اخر يخلفه على رأس الكيان الصهيوني.
وذاك لعدة اسباب، يمر بها المقال الرئيسي، سريعا ليتوقف محللا مفصلا امام السبب الكامن في التبعية الاقتصادية التي تمكن اسرائىل من ان تفرض بالضغط الاقتصادي ما لم تستطع ان تفرضه بالضغط القمعي.
خمسة وثمانون بالمئة من صادرات السلطة الوطنية تباع في اسرائيل لتؤمن بها اسعار مشتريات الاولى من الثانية.
العمال الفلسطينيون يعتمدون في لقمة رزقهم على رب العمل الاسرائيلي.. حتى ولو عبر بناء المستوطنات.
الكهرباء.. تأتي من اسرائىل، والمولد الذي يتم العمل عليه حاليا لن ينتج الكيلوات الاول قبل عام.
النفط، متصل بالاردن، والاردن يعتمد على العراق، والعراق مربوط بالحصار.
الماء، الاسمنت، الاتصالات على انواعها، المواصلات الخارجية، خاصة المطار، المرفأ.. الشركات التي يتداخل في ملكيتها فلسطينيون بعضهم من مسؤولي السلطة واسرائيليون.. كلها عوامل تجعل السلطة الفلسطينية تحت رحمة العدو الاسرائيلي، على الاقل اقتصاديا، هكذا تقول الصحيفة التي تختتم بانه اذا كان كازينو اريحا، واحدا من المرافق التي تهم الحكم الفلسطيني »لا الشعب« والمقامرين الاسرائيليين، ومؤسسة اوروبية »كون الشركة المالكة والمديرة له نمساوية« فان مستقبل الحكم الذاتي الفلسطيني وبالتالي المنطقة ما يزال يدور في اطار لعبة »روليت«.
واذا كان المحلل قد اعتبر ان بامكان هذه التبعية الاقتصادية ان تفعل ما عجزت عنه الدبابات والصواريخ والقمع فان ذلك يعني امرين الاول الاعتراف بفشل خيار القوة والقمع امام اصرار شعب على الموت لاجل حياة حرة كريمة مستقلة، امام مواجهة محتل يخشى الموت اما لطبيعة متأصلة، واما لاساس سيكولوجي ايديولوجي، واما لسبب سيكولوجي اخر هو المعرفة الكامنة في اللاوعي، بان هذه البلاد ليست بلاده كي يموت في سبيلها.
والثاني انه لا بد من تبني استراتيجية مقاومة الاحتلال على تفادي جميع نقاط الضعف المذكورة، مما يعني ربط الاقتصاد الفلسطيني بالعالم العربي، لا باسرائيل، تصديرا واستيرادا.
كما يعني التركيز على بناء البنى التحتية المحلية: كهرباء، اتصالات، مصانع، مؤسسات ذات طاقة تشغيلية للعمال وفي طليعتها المزارع، مع كل ما يتطلبه ذلك من تسهيل انشاء الوحدات الزراعية، وتسهيل بيع منتجاتها، وتجميعها في تعاونيات كبيرة، أولم يبدأ اليهود انفسهم من الكيوبوتزات الزراعية؟ أولم يهيأوا للهجرة من اوائل الثلاثينات بانشاء مزارع في اوروبا »خاصة في المانيا« لتدريب المهاجرين الملقبين بـ»الرواد« على الاعمال الزراعية وتنظيم المستوطنات الزراعية؟
وهنا تقتضي الاشارة الدقيقة الى كيفية توظيف الاموال التي تأتي الى السلطة الوطنية سواء من »الدول المانحة« او من الدول العربية. بحيث تشترط السلطة على الاولى كيفية تنظيم القطاعات التي تصرف فيها اموالها وتشترط الدول العربية على السلطة كيفية تنظيم ذلك.
وتبقى الاشارة الى خطورة الحصار على العراق، الذي يشكل شوكة هائلة في قلب الجسد العربي، لا يتحرك لأي امر، الا وخزته..
ولا يمكن لاي محلل ان يناقش اي امر بهذا الخصوص الا ويصل الى تفاعلاته.