الضرب على الرأس

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 18-11-2000

“انها ليست حربا بل هي قيامة”، هذه العبارة وردت في مقال طويل عن الانتفاضة وزعه الباحث الفرنسي المعروف سيرج تيون في باريس يوم 20 تشرين الاول الفائت.

(سننشر ترجمة المقال لاحقا)

تيون، اليساري، المسيحي المولد الذي لا نعرف ما اذا كان يؤمن دينيا بقيامة المسيح، هو كاتب آمن بقيامة فلسطين منذ عام ،1964 عندما ولجها للمرة الاولى من بوابة غزة. رحلة سجلها بدقة وصفية تحليلية في حينه، وقادته منذها الى الوقوف بشدة الى جانب قضية لم تكن لديه عنها قبل ذلك الا (اوهام يساري فرنسي) على حد قوله.. عبارة استعملتها بالحرف، هذا العام كاتبة اخرى، هي دانيال سالوناف في كتاب سجلت فيه رحلة قامت بها الى فلسطين، عبر (اسرائيل).

قبل اشهر كتبت عن الكتاب المهم في هذه الزاوية وتساءلت: هل علينا ان نحمل جميع الغربيين الى فلسطين كي نزيل اوهام الدعاية الصهيونية من عقولهم ومشاعرهم؟ ولكن يبدو ان علينا ايضا ان نحمل فلسطين، بل والعرب بطريقة صحيحة اليهم.

فقبل اشهر فصل سيرج تيون من عمله لسبب مباشر هو بيان قاس اصدره ضد تصريحات جوسبان في فلسطين وسبب مفتعل هو مقال كتبه عام 1982 يخالف قانونا صدر عام ،1990 وفي الاسبوع الفائت كانت تنظم تظاهرة مؤيدة للانتفاضة في باريس، وشارك فيها نشطاء فرنسيون راحوا يوزعون مقال سيرج تيون المذكور، وبيانا اخر بعنوان (كلنا فلسطينيون) بتوقيع بيير غييوم ناشر مؤلفات المراجعين الذي شاركنا في عمان مؤتمر النقابات لمقاومة التطبيع. وبعد فترة على مسيرة التظاهرة، انقض احد الفرنسيين على غييوم ومن معه صائحين (اقصى اليمين) (الفاشيون).

لم يكن المضحك المبكي ان هؤلاء ينتمون الى اقصى اليسار لا اقصى اليمين بل ان المتظاهرين العرب استجابوا للصرخة وانهالوا عليهم ضربا الى ان تدخلت مجموعة من الشباب التونسيين الذين يعرفونهم جيدا..

قبل اسابيع ايضا، كانت تظاهرة اخرى وراح بعض المشاركين يصرخون (الموت لليهود) لتلتقط وسائل الدعاية اليهودية هذا الشعار، وتولول باتهام العرب باللاسامية والعرقية والعنصرية..

صحافية شابة كانت تشارك في المظاهرة تعرفت الى الذين بدأوا الهتاف بالاسم، وحددت كونهم من شباب التنظيم اليهودي المتطرف (البيتار).

الشابة وجهت رسالة للصحف تحمل هذه الشهادة ووصلتنا نسخة منها.

وهنا لا بد ان نسأل: لماذا يسهل اختراق التظاهرات المؤيدة للعرب، او العربية، بهذه السهولة بينما رأينا التظاهرات المؤيدة لاسرائيل تتم وفق خطتها المرسومة.

لماذا يسهل تجيير وتأويل كل تصرف لاتهامنا باللاسامية والعرقية في حين ان (البيتار) هم شبيبة مناحيم بيغن ومئير كاهانا الذين لا يجادل احد في عنصريتهم؟.

بل ان هذا السؤال يصبح: لماذا تعرف الدعاية الصهيونية تسويق التلفيق الكاذب ولا نعرف نحن تسويق الحقائق؟

ثمة مجيب بانه اللوبي اليهودي المسيطر على وسائل الدعاية والاعلام هذا صحيح، لكنه غير واف فثمة اختراقات ممكنة ثمة تخطيط للاختراق، ثمة اصدقاء لا يجدون منا الا الانتهاء الى (الضرب على رؤوسهم) لاننا نحن (المضروبون على رؤوسنا).

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون