قد لا يكون الهامش عريضا بين ادارة جورج بوش للسياسة الامريكية في منطقتنا، وبين ادارة البرت غور لها.
فستارة النسيان التي اسقطت على تدمير ادارة بوش وديك تشيني للعراق، هي من »التول« الشفاف الذي لا يزيده الزمن الا شفافية.
لكن في ذلك الهامش غير العريض، رجلا متهودا متصهينا دون تحفظ، سيصبح رئيسا، ورجلا من اشد ورثة مئير كاهانا، الذي كان يصرح بان »العرب الفلسطينيين فايروسات، ان لم نقتلها قتلتنا«. وادارة حالية تمثل الحزب ذاته في البيت الابيض، ادارة تمثلت بوفد الى مفاوضات كامب ديفيد »لم يذهب منه عندما نودي لصلاة الاحد الا كلينتون وابنته« على حد تعبير احد المسؤولين الفلسطينيين.
في ذلك الهامش ايضا تتحقق خطة اليهودية التي كانت تتنبأ بان تكون نهاية القرن، موعد لقاء رأس الافعى بذنبها في تطويقها للعالم. اذ الحلم يتعدى فلسطين الى السيطرة على العالم.
واذا كان البرنامج اليهودي يتمثل في »حكم العالم انطلاقا من دولة اسرائيل« فان السعي لا يقتصر على تحقيق ذلك عبر النفوذ العريض، بل انه يتجلى في تفصيلة انتخابية دقيقة، الا وهي حسم الموقف لصالح المرشح اليهودي، لا باصوات اليهود الاميركيين فقط، بل باصوات الاسرائيليين المقيمين في اسرائيل، ولكن المتمتعين بازدواجية الجنسية.
منذ اليوم الاول لاعلان »اللخبطة« اردت ان اشير في هذه الزاوية الى هذا البعد، حيث صدر الحديث عن الاصوات الحاصلة باقتراع »المراسلة« او »المهاجرين« واعترف انني ترددت خوفا من الاتهام المتكرر باننا نحن الذين نبالغ في التوجس، وتعليق كل شيء على مشجب اسرائيل. الى ان جاء ذلك واضحا وبالاسم الدقيق »اسرائيل ـ تل ابيب« على لسان مسؤولين اميركيين، في حملتي الجمهوريين والديمقراطيين، بل ان احدهم قدم تحديدا بالارقام عبر شاشة (N.B.C) يوضح ان عدد الرسائل الواردة من »اسرائيل« ارتفع من الف وخمسمئة الى خمسة الاف.. وها نحن نسمع تأجيل النتيجة لاستكمال استقبال الرسائل.
وهنا لا بد من الانتباه الى ملاحظـتين:
ـ الاولى: انه ليس من الحتمي ان تكون جميع الرسائل الواردة من اسرائيل لصالح ال غور، فثمة من يرى في انتصار ليبرمان، انتصارا لنتنياهو وشارون، واقصاء للعمال.
ـ والثانية، المرتبطة بالاولى: ان ذلك يعني من وجه آخر، مساومات لا بد وان تدور مع بوش وفريقه، لضمان اتخاذه موقفا اكثر تحيزا للوبي اليهودي واسرائيل في حال فوزه.
مما يعني ان تصب الازمة في النهاية، اما في حقل اسرائيل العمال، أو في بستان اسرائيل الليكود.
وربما تكون السيطرة المباشرة افضل لنا من السيطرة المقنعة. خاصة على المدى البعيد.
والنتيجة الاولى ان هذا الكشف قد اوضح كما لم يحصل سابقا دور اسرائيل المباشر في تقرير مصير السياسة الامريكية.
اما النتيجة الثانية والاهم، فهو ان فيل الديمقراطية الامريكية قد انكشف فيلا من ورق، وبناء هائلا ضخم الحجارة، ولكن دون اسمنت لاصق بين الحجر والآخر..
والآن: كيف سيستمر هذا الوهم الضخم في تلقين دروس الديمقراطية للعالم؟