بيريز – عرفات

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 05-11-2000

في الكتاب – الحوار مع شيمون بيريز، الذي صدر عام 1996، سأل روبرت ليتل، مهندس التفاوض الاسرائيلي شيمون بيريز، عما اذا كان صحيحاً ان معظم التنازلات التي انتزعت من عرفات، جاءت بعد لقاء بين الرجلين، وعن الآلية التي كان يتبعها بيريز للتوصل الى ذلك. وأجاب بأنه ليس هناك من تقنية معينة وانما يتحدد الأمر بالتالي:

»انني أحاول ألا أبالغ في المضي بعيداً، وألاّ أحاول الحصول على ما لا تفرضه الضرورة. وهكذا، اذا ما بدا لي من الممكن ان أكون كريماً فعلت، كي لا أبدو تاجراً مساوماً. بل انني في بعض الحالات أعطيت ما أثار انتقاد زملائي، مثلا باضافة أريحا الى غزة، بخصوص الجواز الفلسطيني، بقبول مناداة عرفات بالرئيس.. لكنني انما فعلت ذلك كي أكون صلباً في أمور أخرى أكثر أهمية.. وكلما كانت لدي أمور لا تقبل المرونة كنت أطلب لقاءه على انفراد. وهناك أعرض ما أريد بصلابة وبدون مواربة. لم أتهاون أو ألين في اية نقطة تتعلق بالأمن«.

هل تغير بيريز، هل تغير عرفات، وهل تغير الأسلوب منذ أربع سنوات حتى الآن؟

ولكن: أوليست المعطيات الاخرى: في الشارع، على الارض، على الساحة العربية والدولية، هي التي تغيرت قليلا.. أو »يشبه لنا« ذلك؟

وإذا كانت الأمور الخطيرة هي تلك التي تنسج بعيداً عن وسائل الاعلام، فما هي »التنازلات البسيطة« التي يمكن ان يكون قد عرضها بيريز، مقابل »الأمور التي لا تقبل المرونة« والتي طرحها »بصلابة وبدون مواربة«؟

الأمور البسيطة هي تلك التي تتلقفها الدعاية السياسية، عادة، لتنفخها، وتسلط عليها الضوء، كتنازلات كبيرة، تبرر ما يمكن أن يقابلها.

والأمور »الأكثر أهمية التي لا تقبل المرونة«، هي تلك التي لا تسرّب الى الناس الاّ جرعة، جرعة، مع كأس ماء تسهّل ابتلاعها.. كأس قد تذاب فيها وقائع تخلق على الارض، تبريرات، مآزق تجعله يبدو »الحل الوحيد«.

اما الجواب الواضح الذي يقدمه بيريز نفسه، فهو »الأمن«. وهل يعني المأزق الحالي بالنسبة لاسرائيل، شيئاً آخر، أهم من الأمن؟

فما الذي يحتاجه »أمن اسرائيل« من الرئيس الفلسطيني، وجاء يطلبه »بدون مواربة« مهندس أوسلو؟

أسئلة لا تحتاج الى كبير ذكاء واطلاع سياسي..

لكن.. حتى التنازل البسيط الذي تمثل في سحب الدبابات والجنود، لم يتحقق الا لساعات، عادت بعدها الأمور الى الأسوأ.

واذا كان بيريز يقول في مكان آخر من الكتاب نفسه، بأن الرئيس الفلسطيني قد »تعلم أن يثق بي. وبامكاني أن أقول له بصدق ما هي نقاط الضعف التي يتوجب عليه معالجتها، وكيف… لكنني لم أفعل ذلك أمام أي كان كي لا أهينه.. أما فيما بيننا فأنا صريح جداً معه..«.

ويقول أيضاً انه ليس ضد اقامة الدولة الفلسطينية، بل انه هو من عرض على عرفات ان يبدأ باعلان الدولة في غزة وحدها، كي يتمكن من أن ينتقل الى بحث الكونفدرالية مع الأردن.

فان الرهان – لا يكمن إذن بالنسبة لبيريز واسرائيل – في إعلان الدولة بحد ذاته، وانما: أية دولة، وعلى أية بقعة، وبأية شروط.. شروط في مقدمتها ما يتعلق بالأمن، بالمستوطنات، بالأراضي المحتلة، بالقدس، باللاجئين…

شروط تحتاج، كي تتمكن اسرائيل من فرض شروطها.. وقف الضغط الفلسطيني الذي يخلق أو يلغي الضغط العربي والدولي، وقف الانتفاضة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون