استكمالا…

صحيفة الدستور، 14-10-2000

استكمالا لما كتبه الدكتور نبيل الشريف ومن ثم الاستاذ جورج حداد حول الاعلام العربي او ما اسماه الزميل حداد بدقة »الناطق بالعربية«، والاعلام الناطق بلغات اخرى، مما يعني التمييز الاساسي في نوعية الخطاب الاعلامي بحسب نوعية الجمهور الموجه له.

نقول تحديدا: ان الخطاب الموجه الى الجمهور الذي »يقرأ العربية«، يجب ان يهدف في مرحلة كالتي نعيش الى هدفين: الشحن، والتوعية، شرط ان يكون الشحن المقصود هنا واعيا، وان تكون التوعية متعددة الوجوه، موضوعية في معلومتها، علمية في وثيقتها، ولا موضوعية في موقفها، عندما تعني »الموضوعية الموقفية« ما يريده البعض من الحياد ازاء قضايا الامة وحقوقها. حيث تمحى هنا الحدود بين »الحياد« والتواطؤ، والخنق بقفاز مخملي.

بوضوح اكثر، الشحن المطلوب هو فقط ذاك الموجه ضد العدو، وضد كل عمل يصب في مصلحته، وضد كل توجه اقليمي او طائفي او فئوي يشكل المعول بيده.

وهذا ما يتطلب قدرا كبيرا من الايمان، من الوعي ومن.. الجرأة..

اما التوعية، ونتحدث هنا مهنيا وموقفيا، فانها تنطلق من واقع ان لكل قضية تشابكاتها المحلية، القومية، والدولية، ولا بد للاعلامي، ايا كان تخصصه، ان يحيط بهذه التشابكات او بالاحرى بجانب متخصص منها »وهذا هو الاعلامي المهني اليوم« احاطة تتجاوز ما يعرفه المواطن العادي، بل واحيانا غير العادي، والسياسي، وان يضع معرفته هذه، ومتابعته التي تليق بعصر الانترنت، وتحليله العقلاني، في تصرف القارىء. مما يطرح اسئلة كثيرة تتعلق بالوعي السياسي »حتى في المواضيع غير السياسية، ولا مجال هنا لاستعرض كيف يوظف العدو مسألة الرياضة او عرض الازياء او العاب الاطفال لتمرير وتدعيم اهدافه السياسية« كما تتعلق بالمتابعة »على كل الصعد« وبمعرفة معينة للغات الاجنبية، وبالاستعداد المطلق للتعب.

وتبقى النقطة الثانية والاهم.

الاعلام الناطق بلغات اخرى: اي الموجه الى جمهور اجنبي.

وابدأ بمثال عملي بسيط، فبالامس كنت اقرأ الصحف الفرنسية، لاقع على مادة لجورج ماريون في لوموند، كادت تشعرني انا، بان سبب العنف كله هو الرئيس الفلسطيني، والعرب… وانتقلت الى موضوع آخر في »الاكسبرس« لاشعر انني قادرة على ان اضع توقيعي عليه..

اذكر مئات الامثلة الاخرى: كتاب كريستيان شيسنو »جيل الفدائيين« ما كتبه سيرج حليمي، او نعوم شوامسكي، او كلود شيسون او… او… وكان افضل مما يمكن ان نكتبه نحن، ومئات، بل آلاف الكتابات المعادية المنحازة التي تجعل الرأي العام الغربي يرانا ذئابا، متخلفة، متعطشة للدم. وفي احسن الاحوال ضحايا، لا تستحق اكثر من المعونات.

وهنا لا بد من الفعل بين الافراد والمؤسسات، فالمؤسسات الاعلامية الغربية خاضعة بمجملها او باغلبيتها للوبيات اليهودية »وذلك نتيجة تخطيط وتصميم«، لكن الافراد الاعلاميين، ليسوا كلهم كذلك، ومن هنا يمكن النفاذ عبر عدد كبير من الوسائل:

ـ التوصل الى التأثير او السيطرة على بعض وسائل الاعلام الغربية، او على اجزاء من بعضها، اما بواسطة المال او دعم جهات معينة. ـ دعم الافراد او الجماعات الذين يقفون موقفا موضوعيا منا ومن اسرائيل او داعما لقضايانا، دعمهم بكافة الوسائل. وكثيرا ما سمعت من صديق او زميل: »لو كتبت، او لو صورت كذا.. لوجدت نفسي بلا عمل«. كثيرا ما شكا لنا زملاء اجانب من ان مواضيع وتحقيقات اجروها بتعب وحماس، وجدت مصيرها في سلة المهملات.

ـ المتابعة الدقيقة المستمرة من قبل سفاراتنا واداراتنا الاعلامية لكل ما ينشر بخصوصنا، والتدخل بالرد »وحق الرد معروف في الاعلام الغربي« والاحتجاج، او التأييد، واثارة زوابع وفضائح عندما لا يسمح لنا بذلك. »وهنا اشير الى ان اداء سفاراتنا يقبع في دهليز تحت الصفر… في 90% منه«.

وكم رأيت سفارة تدعم اعلاميا يهوديا، او معاديا، لجهلها او لسهولة »الضحك عليها«. ولدي الامثلة بالاسم والحدث.

ـ توجيه اعلام عربي ناطق باللغات الاجنبية، فلماذا لا تبث فضائياتنا برامجها الموفقة باللغات الاخرى خاصة الانكليزية والفرنسية، وهي التي يصل بثها الى العالم اجمع؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون