عبارتان صغيرتان لخص بهما عبدالله حوراني، الامل والتخوف، ازاء القمة العربية المتوقعة، والمرتجاة منذ فترة طويلة، بل الانقاذ او الوأد اللذين يمكن ان تؤدي اليهما.
»كلنا غاضبون« رد عمر موسى على صحافي سأله عن غضب الشارع المصري ازاء الدعوة الى قمة شرم الشيخ، لكنه لم يلبث ان استطرد »كمواطنين عرب، كلنا غاضبون«، فهل كان في ذلك الالتفاف الواضح على سؤال الصحافي »المواطن العربي«، رسالة موجهة الى اولبرايت واسرائيل، باعتبار ان الحكم ايضا غاضب؟
ام انه »غاضب كمواطن« وراض كحكم؟
لان المواطن صادق وحر ومنسجم مع مشاعره، والحكم مربوط ومقيد ومضطر الى التحايل والانفصام؟
الصحافي كان يتكلم عن غضب الشارع على حكومته، وموسى احال الجواب الى الغضب على اسرائيل.
لكن الشارع، الذي لا يعطى ان يحاور اكثر في المؤتمرات الصحفية، استمر يوجه رسائله بطريقته، رسائل لا اسئلة، فهل كانت الدعوة الى القمة استجابة لهذه الرسائل؟
ام محاولة للالتفاف عليها وتهدئتها، او بالاحرى انهائها؟
وفي الحالة الاولى تكون دون رضى اليهودية العجوز الذي تمثل الولايات المتحدة واسرائيل معا، وفي الحالة الثانية تكون بمباركتها..
في الحالة الاولى، تكون ولادة جديدة لجعل فلسطين فيتنام، بالمعنى الذي اوضحه عبدالباري عطوان امس، عندما قال ان ثوار هذه الاخيرة تمكنوا من الاستمرارلان ارادتهم التحمت بقرار قيادتهم، ولكن الاهم: لان عمقا سوفيتيا صينيا كان يمدهم بالدعم »ولو تهريبا« وبالديبلوماسية المعلنة والخفية.
بل المثال الاقرب والابسط هو حزب الله، والقيادة اللبنانية والخط المفتوح للدعم سوريا وايرانيا.
فهل ستحقق القمة العربية القادمة للنار الفلسطينية المشتعلة، فرص الاستمرار، وفرص جني ثمار الدماء والتضحيات؟ وعندها تكون القمة التي نريدها.
ام انها ستكون حلقة تنطبق لخنق واجهاض هذه الانتفاضة؟ افلا تقوم استراتيجية رجال الاطفاء على ما يسمى »تطويق النار« وصولا لاخمادها؟.. وعندها تكون القمة التي لا نريدها، والتي تجعلنا نستدعي عمر ابوريشة و:
»خافوا على العار ان يمحى فكان لهم
على الرباط لدعم العار مؤتمر«
لكن الاحالة الى هذه القصيدة نفسها الى تاريخها، يحيل الى نظرة واقعية جدا، وحقيقية جدا، لا بد وان يدركها الزعماء العرب، اذا كانوا اذكياء، وهي ان محاولات ركوب الموجة حتى هبوطها، والانحناء للعاصفة حتى عبورها، وتطويق النار لاخمادها، قد تنفع في التكتيكات الديبلوماسية العابرة ولكنها لا تكون كذلك في القضايا المصيرية الوجودية الكبرى للشعوب، وذلك بدليل انه في كل مرة يسكن الراغبون في السكون الى ان الامر هبط وعبر وخمد.. يفاجأون بان الغطاء السميك الثقيل يرتفع فجأة عن طنجرة الضغط، ويكون الانفجار.. وان النار لا تلبث ان تثقب غطاء الرماد مرة من هنا ومرة من هناك.
لذلك، يتمثل »الذكاء السياسي« الحقيقي، في الاستجابة الى نداء الناس، الى صوت الامة الهادر دما في فلسطين ونداء مترجعا في كل مكان، ليكون السلام الاساسي الذي يريده كل عاقل، سلام الشعوب مع حكامها، سلام الارادة القومية الوطنية مع قرارات صانعي قراراتها..
والا فان الوطن كله.. كلنا.. بمن فيه الجالسون على القمة هو الذي يدفع الثمن، فيما اسرائيل تحيينا باغراق مدننا وقرانا، بالدم والقمة.. والنقمة..