جدار الفولاذ!”

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 03-10-2000

في العام ،1923 اصدر زئيف جابوتنسكي، احد »الاباء المؤسسين« للصهيونية ولاسرائيل، كتابه »جدار الفولاذ«.

وفي العام 1995 حاول الباحث الفرنسي ايمانويل راتييه ان يلخص الفكر الصهيوني، فكر جابوتنسكي، وتلاميذه المتناسلين حتى شارون، وحتى آخر جندي يطلق النار على عين او رأس او بطن فلم يجد افضل من ان يقتطع هذه الفقرة من »جدار الفولاذ«.

فقرة لا أجد، اليوم في العام 2000 افضل منها ازاء كل ما يحدث وسيحدث:

»لا يمكن ان يكون هناك مجال لمصالحة ارادية بيننا وبين العرب، لا الآن، ولا في المستقبل المنظور. لقد فهم كل انسان واضح الرؤية باستثناء العميان بالولادة، الاستحالة الكاملة في التوصل الى اتفاق ارادي مع العرب في فلسطين، يقضي بتحويلها من بلد عربي الى دولة ذات غالبية يهودية. ان لدى كل فرد من العرب فهما شاملا وكاملا لتاريخ الاستعمار. وليحاول اي منكم ان يجد مثالا واحدا تحقق فيه استعمار بلد بموافقة سكانه الاصليين. لم يحصل هذا ابدا، فالسكان الاصليون يقاتلون دائما المستعمرين، بعناد واصرار، كانوا محتضرين ام لم يكونوا. لقد قاتل رفاق السلاح مع هرمان كورت وفرانسيسكو بيزار، قتال العصابات، كذلك قاتل اصحاب الجلود الحمراء، بحماسة، وبدون تسويات، المستعمرين سواء من كان منهم طيب القلب ام شريرا»…« فكل شعب يقاتل المستعمرين الى آخر بريق امل في تجنب مخاطر الفتح والاستعمار. وسيقاتل الفلسطينيون كذلك الى ان لا يعود امامهم اي لمحة امل»…« اما نحن فلا يمكننا ان نقدم اي تعويض عن فلسطين، لا للفلسطينيين ولا للعرب. والنتيجة المنطقية لذلك هي انه لا يمكن تصور أي اتفاق طوعي بيننا. ان على كل عملية استعمار ان تستمر، مهما كانت محدودة، برغم معاداة السكان الاصليين. اذن، لا يمكنها ان تستمر وتنمو الا بحماية سور من القوة، اي جدار فولاذي لا يستطيع هؤلاء السكان اختراقه. هذه هي سياستنا العربية. وليس التعبير عنها بأية صيغة اخرى، الا نوعا من التخابث، والنفاق، اما ممارسة نفوذ سلطة اجنبية، سواء عبر وعد بلفور، ام عبر الانتداب البريطاني، فهي ضرورة لارساء الشروط اللازمة لاقامة سلطة في البلاد، وقوة دفاع تحرم السكان الاصليين، اي تكن رغباتهم من امكانية وقف عملية الاستيطان، سواء بالوسائل الادارية او المادية. على القوة ان تلعب دورها، بفجاجة وبدون اية تراخ ومن هنا لا فرق بين من يريدون ان يقيموا جدارا فولاذيا من حراب يهودية وبين من يريدون اقامته من حراب بريطانية. اما اللوم الذي يوجه لنا، عادة، باعتبار، ان هذه النظرة هي نظرة لا اخلاقية، فنرد عليه: »أبدا. هذه هي اخلاقنا. ولا اخلاق سواها، فطالما ظل امام العرب اقل بارقة امل في امكانية مقاومتنا، فانهم لن يتخلوا عنه«.

وبعد،

هل كان جدار الفولاذ، الذي اراده جابوتنسكي وسائر الصهاينة جدارا يرتفع بينهم وبين العرب، ام جدارا من حجر ومعدن يرتفع داخل قلوبهم وارواحهم وشرايينهم فاصلا بينها وبين كل صفة انسانية؟

افلا تكمن هنا الازمة الاكبر.. ازمة ان يحول الحقد والعرقية والتعالي النبض الانساني الى فولاذ؟

وهل ثمة امل للفولاذ، على المدى البعيد، في النبض، اي في الحياة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون