“لقد بدأ التطبيع مع ليبيا منذ اكثر من سنة ونصف”، هذا ما اعترف به هيوبرث فدرين في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو.
صحيفة اخرى نشرت ان القذافي وقع عقدا مع احدى شركات التسويق الاعلامي، او العلاقات العامة الاعلامية لتحسين صورته في الغرب.
مبرر الفرنسيين القانوني واضح، فالرئيس الليبي سلم المطلوبين الى العدالة الدولية، ومجلس الامن علق العقوبات الدولية على ليبيا.
والمبرر الليبي واضح فالرئيس الذي كان طوال سنوات ماضية رمزا لما يسميه الغرب »الارهاب« وما تسميه دول العالم الثالث »النضال الثوري« لم تعد له مصلحة لا في هذا ولا ذاك، واصبح همه الخروج من اطار الصورة.
لكن، ما علاقة هذا الوضع الجديد، بمسرحية »ابو سياف« التي تخرج علينا فصلا فصلا، باخراج لا بأس به.. بل وناجح، طالما ان الدوائر الغربية باتت تريد له ان ينجح، او ان يبدو كذلك؟
مصالحة جيبوتي واريتيريا، مساعدة الامم المتحدة في ازمة القبعات الزرقاء في سيراليون، الوساطة في ازمة البحيرات الكبرى.. وفاعل الخير.. الوسيط الناجح في ازمة »ابو سياف«.
وسيط لن يكون بامكان فرنسا والمانيا وفنلندا – وربما الولايات المتحدة – الا ان تكون ممتنة له، والا تعترف بجميله.. وتحوله.
والمطلوب من فرنسا مثلا، ان تكون وسيط ادخال ليبيا الى الحلبة الاوروبية ربما عبر مرسيليا والقمة الاوروبية – المتوسطية، المتوقعة في تشرين الاول القادم وذلك طبعا بعد ان يطلب من القاضي بروجيار طي ملفات التحقيق في قضية طائرة »دي. سي 10«، وجهده فيها على امتداد السنوات الماضية، على الله..
لا.. بل على مصلحة فرنسا.
فباريس ترنو باهتمام شديد الى ليبيا، ذات الكثافة السكانية الضعيفة والقدرات البترولية القوية، اهتمام يندرج في اطار اهتمامها بتحقيق استقلاليتها في مجال الطاقة. مما يفترض امتلاك اكثر من خيار. اضافة الى ان »توتال« و»الف« حاضرتان بحيوية في بلاد خليج »سرت«.
من جهة اخرى، لم تنس باريس ان ليبيا كانت زبونا ممتازا للاسلحة الفرنسية في سنوات السبعينات (خاصة طائرات الميراج) وان هذا الوضع قد تراجع، بحيث اصبحت فرنسا في الموقع الرابع، بعد المانيا وبريطانيا وايطاليا.
الاغراء الثالث، يتمثل في المشروع الضخم الذي تريده الصين، لانشاء ثلاثة الاف متر من السكك الحديدية، وانشاء شبكة من المتروهات على امتداد ليبيا، حيث تطمح شركات المواصلات الفرنسية الى الحصول على حصة في تنفيذه.
هذا على الصعيد الاقتصادي.
اما على الصعيد السياسي، فان قبول فرنسا، بدور بوابة العودة الليبية الى اوروبا، سيقابله قبول ليبيا بدور مفتاح فعال في البوابات الثلاث: الافريقية والعربية والمتوسطية. دور يعزز الحاجة اليه، وخروج فرنسا، شبه الكامل من الخليج العربي بعد حرب الخليج، بعد ان كان السبب الرئيسي لمشاركتها في هذه الحرب، الحفاظ على حصة في الكعكة.. حصة لم تحصل عليها.. فعادت تحاول البحث عن كعكات اخرى.. سواء تينك المحاصرتين: الليبية والعراقية، وفيهما النفط والاستثمار، واعادة اعمار ما بعد الحصار ام تلك المرشحة لدور ساحة استثمارية او ساحة فعل سياسي، بعد العملية السلمية، من مثل مصر وسوريا ولبنان.
مصالح مشتركة، طبيعة العلاقات الدولية.. وتظل قدرة كل طرف على توظيفها.