والعود غير احمد..

صحيفة الدستور، 06-09-2000

كأن عشرين عاما من الموت لم تكن.. بل كأنها كانت مأساة – ملهاة، تحدث خيال الاغريق واصحاب الملاحم السومرية – البابلية.

»اعادت الطائف انتاج الحرب، واعادت انتخابات الالفين انتاج ما قبل الحرب«.

قال نجاح واكيم.. ولذلك فضل النائب المسيحي الناصري عن الدائرة الثالثة »المعقل السني« وبأكبر اغلبية سجلها نائب بيروتي في السبعينات عدم خوض معركة الالفين.

أهي الهزيمة؟

هزيمة تحدي تكسير المعايير الطائفية، والمناطقية، والعائلية الوراثية، وهزيمة الحلم الجديد، حلم التغيير الذي عشناه معا، وقبضنا بعنف على الجمر لتحقيقه، لجعله واقعا. في تلك المرحلة التي اصبحت بدورها حلما..

فهل كان اقترابنا الفعلي من تحقيقه، بل وبداية ذلك على الارض، في ظواهر كثيرة، منها ظاهرة واكيم، سببا في استعجال الحرب؟

أهي ألهة الاينوما ايليش العجوز، المستقرة السلطة، »المطلقتها«، ازعجتها ضوضاء الالهة الشابة، التي تستحث التغيير، فاعلنت عليها الحرب؟

المفارقة، انه في هذه الملحمة الاولى في التاريخ، تنتصر الالهة الكبيرة بقيادة ثيامات، ولكن المرحلة الثانية تقيض للالهة الشابة، قائدا فذا هو مردوخ يحقق الانتصار والتغيير.

نحن.. لم يكن لنا هذا الحظ.. الا اذا اعتبرنا اننا ما نزال نعيش هزيمة المرحلة الاولى..

اجل انتصرت ثيامات لبنان: كأن حربا لم تكن.. بل كانت وهزمنا.

وعادت انتخابات الالفين: بالمعايير الطائفية ذاتها، بل بوقاحة وابتزاز يفوق ما كان سابقا.

بالمعايير المناطقية ذاتها، وقد تكون هذه اقل الاخطار.. الا عند ربطها بالطائفية، وبما جعل »الفرز الطائفي« الجغرافي محور وقمة مأساة الحرب.

بالمعايير الاسرية الوراثية.. وسبحان الله الذي جعل الغرب يتحدانا بسبقه الى الاستنساخ العلمي، فنرد له التحدي بسبقنا الى الاستنساخ البشري.. حتى الاسماء لم تتغير، وسجلت بامتياز، تفوق الديكتاتورية الآلية »نسبة الى آل …« حتى على الاحزاب الاسمية التي انشأتها يوما، فاذا برئيس حزب الكتائب يسقط لينجح »بيير الجميل« ولينضم الى سائر الاسماء القادمة الى القبة، نافضة غبار اكفانها في عيوننا.

وبالمعايير المالية، الني نذكرها جيدا، ويعرف من عايش اسرة سياسية مثلي، آلياتها وتقنياتها، ليلحظ ان الناس ازدادوا قطعانية، وهم يتوهمون ذكاء فرصة العرض والطلب.. فاشترى معظم الناجحين الناس لا اصواتهم.. وباع هؤلاء قيمهم او ما تبقى منها.. أهو الفراغ يحول الناس الى قش، ام هو اليأس، والضيق، يحولهم الى اللامبالاة، الا باللقمة. او غياب القيم، يملأ فراغها كله بفكرة الكسب؟

الاذاعات الغربية تتحدث ببساطة عن عنصرين حاسمين، نعرفهما: العصبيات الطائفية والمال..

والبلد.. ومستقبله؟

البلد المأزوم اقتصاديا حتى الاختناق.

والبلد الواقف امام استحقاقات ما بعد التحرير.

المرشح يرصد مئتي مليون دولار للمعركة – على الطريقة الاميركية – وصباح النتائج ترتفع اسهم سوليدير بنسبة 11%..

عادت التجارة بكلفتها.. وظل البلد في ازمته.. يستجدي دولا مانحة لاعادة الاعمار..

اما، ما بعد التحرير، فمفاوضات السلام، ولبنان ليس محور الصراع العربي – الاسرائيلي، ولا هو مفصول عن الحل الشامل، يشملنا خطوة خطوة.. ومن السذاجة النوم الهانىء وكأن تحرير الجنوب انهى كل شيء.

عبارة خطيرة قالها نجاح واكيم لحزب الله: »اخشى ان تكونوا ابطال العبور«.

اولئك اقتحموا القناة محررين شرقا ليمضي السادات بعدهم غربا و… لا تحتاج الجملة الى بقية..

ألهذا كان رحيل حكومة التحرير، وعودة حكومة الاسماء التقليدية مطلوبا؟

ألهذا كان من المطلوب ايضا ابعاد العناصر، والاحزاب المشاكسة ان لم يكن عن الوجود في المجلس، فانما عن امكانية تشكيل غالبية فيه؟

واذا كان المثال الابرز، هو الرقم الصعب الذي شكله حزب الله، بطل التحرير، فأية غالبية سيشكلها نوابه؟

ثم أليس تحجيم هذا الحزب – دون التعرض له اطلاقا – مطلبا لبنانيا سوريا مشتركا. أفلا تشكل هذه العناصر كلها وسواها مما يندرج في خط العملية السلمية للمنطقة، تفسيرا للحيادية المفاجئة التي اصابت سوريا؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون