بيروت.. دمشق

سوريا، 31-07-2000

اربع شركات سعودية، تنشىء صندوقا مشتركا بقيمة مئة مليون دولار، للاستثمار في سوريا، دعما للرئيس الجديد.

المهم في الامر ان احدى هذه الشركات هي ملك لرفيق الحريري.

وان الخبر اعلن، ليس فقط مع وصول بشار الاسد الى الحكم، وانما مع اشتداد الحملة الانتخابية اللبنانية.

والذي راقب، خلال الفترة الاخيرة، اداء تلفزيون المستقبل، وجريدة المستقبل التابعين للرئيس الحريري، سواء بالنسبة لتحرير الجنوب، او لانتقال الحكم في سوريا، او للمعركة الانتخابية المذكورة، لا يخرج فقط بملاحظة تصميم الرئيس الحريري، على تشكيل قوة سياسية اساسية، وقيادتها في لبنان، في جو مؤات لذلك، استنادا الى سببين:

ـ الدور الاقتصادي الهام الذي يلعبه الحريري في حياة البلد، والذي تتنامى الحاجة اليه اكثر مع تنامي الازمة الاقتصادية.

ـ غياب القيادات السنية المعروفة، مما ترك فراغا، لا انسب منه للحريري، في ظل التركيبة الطائفية، »التي قاتلناها سنوات لننتهي الى فرض اقرارها ومأسستها وتثبيتها في اتفاقية الطائف التي شكلت قاعدة اطلاق لصاروخ الحريري«.

لكن الملمح المهم الآخر، في تشكيل هذا الصندوق المشترك، هو توجه العلاقة اللبنانية ـ السورية »من ضمن العلاقة العربية ـ السورية، والعربية ـ اللبنانية« توجها يقوم على الاقتصاد. وفي الخط الآخر، الذي ظل معطلا، على الاوتوستراد اللبناني ـ السوري.

بمعنى ان البعد الاقتصادي، ظل، حتى الآن، يتجسد في شكل احادي، بدائي »على أهميته« هو خط دمشق ـ بيروت، وفي مجال العمالة والتسويق الزراعي فقط.

وها هو الآن يتحرك على خط آخر، بيروت ـ دمشق، وفي مجال الاستثمار الموجه.

واذا ما دخلنا في التفاصيل، لنرى ان عمل هذا الصندوق الجديد سيتركز في مجالات: الاتصالات الهاتفية، الزراعة، السياحة، والبنى التحتية، فان ذلك يقودنا الى جملة ملاحظات:

اولها ان هذا التوجه هو اول الغيث، الذي يفترض ان يمطر في حقل ما يسمى بالانفتاح والتحديث في سوريا، وفقا لشعارات العهد الجديد.

والثاني ان اللبنانيين، ومعهم بعض العرب، سيجدون في ذلك فرصة استثمارية واسعة، تنقل اهتمام القيادات الاقتصادية اللبنانية، ومن ورائها، السياسية الى حيز مصلحي لبناني، قد يترك تأثيرا ايجابيا »وان بطيئا« على الصعيد الشعبي. خاصة وان هذا السياق الجديد سيفتح الباب، عريضا، امام حاجات هامة اخرى على الساحة السورية، خاصة في المجال المصرفي، والخدماتي على تعدد وجوهه، خاصة السياحي منها، للخبرات اللبنانية العريقة.

وبذلك تدعم العلاقة بين القطرين، على اسس جديدة، تتجاوز ميراث الحرب الاهلية واحلال الامن، والهيمنة السياسية، وتتجاوز ايضا مبرر التوازن مع الاحتلال الاسرائيلي الذي فقد مبرره، الى مبرر التوازن مع القوة الاقتصادية الاسرائيلية، التي ستكون هيمنتها اول وأهم استحقاقات السلام، وهذا المبرر، هو حقيقة دائمة وما تزال في اول معارك تحدياتها.

اضافة الى ان في ذلك افادة من سياقات العصر، التي تبني العلاقات: القومية، وحتى المتجاوزة للحدود القومية، على تبادل المصالح.

غير ان هذه التوقعات، التي قد تندرج كلها في سياق الدعوة التي اطلقت من بيروت ودمشق لبناء العلاقة على اسس جديدة، قد تواجه بعدد لا حد له من محاولات العرقلة والاعاقة، كما قد تواجه بمحاولات خطيرة لتسلل رأس المال الاسرائيلي واليهودي، بشكل مقنع الى ساحة، يسيل لبكارتها لعاب المستثمر اليهودي، الذي لا يدعم العملية السلمية، الا لذلك.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون