لم يكن باستيل لبنان…
لا ولا قلعة حجة او سجن نافع، اليمن.. بل أنه ببساطة واحد من توائم انصار، المميزة وأحدها عن الآخر بالرقم، اما هو فبالاسم.
تاريخ لا يمتد طويلاً، لكنه عالم هائل من العذابات والعمالة، من البطولة والجريمة، من الوطنية والخيانة، من ظلام سراديب القمع والتعذيب والقهر، وانوار الحلم، ومآذن الكرامة، وقباب الصمود…
الصمود.. هذا المصطلح الدفاعي الذي ظل مقصوراً علينا طيلة نصف قرن، واذا بنا نجد رئيس الكيان الصهيوني يطلقه أمس على “سكان شمالي اسرائيل”، وهو يهرع مع جميع المسؤولين اليهم، مشجعاً و”محيياً صمودهم”!!
فهل قرأنا في انتقال المصطلح هذا، دلالة مفصلية تاريخية، بداية تحول سيؤتي ثماره وإن بشرط الزمن، وارادة الصراع…
فمن كان يظن قبل عشرين سنة، وجيوش الغزاة تحول بيروت نفسها الى سجن، ان صرخات التعذيب في سجن الخيام، ستتحول يوماً الى ما كانته أمس: هتافات الاسرى المنطلقة من داخل السجن لتعانق هتافات المحررين الذين يطوقونه في آخر زحفهم لفتح أبوابه..
وعداً لأصوات المعتقلين والسجناء من داخل سجون فلسطين، وأصوات الابطال المتمردين في شوارعها…
اليوم الخيام.. وغداً أنصار، وسائر السجون، وصولاً الى السجن الكبير الذي يحتجز الارض والشعب…
اليوم تغسل الخيام وجهها بالطيب، تحبك عقدة جديدة في جديلتها الالفية، وتخرج لعناق الصباح.. يخرج محرر الى ذراعي أم أو حبيبة او ولد كبر ولم ير أباه، ويخرج الجنوب كله الى حضن الوطن.. وغداً يخرج مثلهما كل من لم يفقد حلمه بالفجر، ولم يصدق أن الليل أبدي..
اليوم تهرع كل القيادة الاسرائيلية الى قرى الشمال، لتشد ركاب اولئك الذين جاؤوا من شتات الارض، ليسموا انفسهم “سكاناً” و “مستوطنين”، دون أن يصبحوا يوماً مواطنين.. فلم تعد الصورة لجنوبية تحمل على رأسها بقجتها، وتمسك اولادها بيدها، هرباً من القصف، بل لأبوين يهوديين يخرجا ابنهما من المدرسة، ليغادرا به باتجاه “داخل اسرائيل”.. هناك حيث غليان آخر يتألب.
فهل كان ذلك سيكون لولا أولئك الذين في الخيام؟؟