مصادفة ان تحمل كلتاهما اسما مؤنثا.. وان تحمل الذكرى اسما مؤنثا والنكبة اسما مؤنثا..
ان يكون للرقمين المتعلقين بالذكرى، دلالة كبيرة مفصلية في عمر المرأة. وعمر الانسان.. خمسة عشر، واثنان وخمسون.. مراهقة، ومنتصف العمر..
اجل كان ايار في فصل مراهقته وشبابه، عندما ولدت الدولة المسخ.. ولادة اريد لها ان تكون لحظة وفاة الوجود الالفي الممتد على ارض فلسطين..
واليوم، وهي تحتفل بمنتصف العمر، وتبتهج بانها تجد عربا فيشيين »نسبة الى فيشي« يضيئون لها الشمعة الثالثة والخمسين، فيما تغرق هي لبنان في العتمة، دون ان تنجح في اطفاء الشموع المتقدة في قلوب وعيون مقاوميه، نجد انها، وبرغم كل الغطرسة، برغم كل لوبيهاتها، ويهودها ويهودنا، لم تصل الى ثورية النعش في الثرى.. فالمكفن لا يني ينفض اكفانه، ويدحرج حجره، ويعقد السنة الندابات والقتلة. وكلما اعيد لف الاكفان باحكام اكثر، جاءت المفاجأة اعنف.. واستشرس القاتل اكثر..
نعرف ان الحصيلة حتى الآن امر من الخل والمر اللذين رفعوهما الى المسيح على الصليب.. نعرف ان المرحلة هذه هي المرحلة اليهودية الصهيونية في الاطار العام، ليس فقط لان الحركة قوية عالميا، ولا لأن لوبيهاتها تسيطر على صانعي القرار في العالم، وتعمل على تهويد العقول والنفوس، بل، وقبل ذلك كله، لاننا نحن متخاذلون، منافقون في ايماننا وخياناتنا، نشكو ارتخاء الاصابع القابضة على حقوقنا، ومصابون بالباركنسون في عمودنا الفقري وركبنا.. ونحاول ان نغطي ذلك كله بنشر الالزايمر للتخلص من ذاكرة لا تني تديننا وتطالبنا..
نعرف ان تنابل السلطان، لا يقطعون غفوة اهل الكهف، الا لملء كروش مطاطة..
نعرف اننا نتسرب، من بين اصابعنا، وثقوب ارادتنا ووعينا، الى جيوب شايلوك، لنتحول الى نفط في محرك دباباته، واطر لشاحناته، ومياه لري عطشه..
لكننا نعرف ايضا ان هذه الاسرائيل البالغة الثانية والخمسين، لا تحافظ على شبابها، الا بحبوب البروجسترون والاستروجين، واحدة نقدمها نحن، والاخرى الولايات المتحدة الامريكية، فاذا جاء يوم وانقطعت، انتهت مرحلة الخصب المفتعلة، وجاءت مرحلة ترقق العظام، واحدودب الظهر..
إثر مؤتمر البرلمانيين الدولي في عمان، اعتبر المحللون السياسيون، ان الموقف الاسرائيلي، اصيب بهزيمة في القرار الخاص باللاجئين، بسبب غياب الولايات المتحدة الامريكية.
ولم يتساءل احد عما اذا كان غياب واشنطن عن مؤتمر واحد، جعل اسرائيل تخسر، فماذا لو انكفأت اليد الامريكية عن سند ظهر هذا الوجود المفتعل؟ وماذا لو انحسر النفوذ الامريكي عن موقع الهيمنة الدولية الاول؟
هل يبدو هذا السؤال سورياليا؟
ام ان حقائق التاريخ تقول انه ما من امبراطوريات باقية وما من شعوب زائلة، وامريكا ليست اكثر سيطرة من روما، او مقدونيا، او حتى بريطانيا والاتحاد السوفياتي.
غير اننا نحن، لا نريد قراءة التاريخ، ولو فعلنا، لاكتشفنا اول ما اكتشفنا، ان اثنتين وخمسين سنة، ليست سوى جزء من الثانية في عمر الزمن..
ولانتبهنا اكثر، الى مؤشر دلالي وهو ان الاحتفال بالذكرى الثانية والخمسين للاغتصاب، تتزامن مع الانسحاب المهزوم من جنوب لبنان، اول انسحاب تنفذه اسرائيل تحت ضغط القوة العسكرية.. اول هزيمة حقيقية، ايا يكن حجمها..