انباء بيروت تتحدث عن مقترح لبناني لحل الاشكال القائم حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
المقترح يقول باعطاء هؤلاء جوازات سفر فلسطينية، مقابل ان تعطيهم الحكومة اللبنانية اقامات، يصبحون بموجبها مقيمين شرعيين، يخضعون للشروط المطلوبة في المقيم ويتمتعون بجميع حقوقه.
قبل شهر، كنت قد تساءلت في هذه الزاوية، لماذا لا يعامل المواطنون الفلسطينيون، في الدول العربية، كما يعامل سائر المواطنين؟ فليس من دولة عربية الا ولها مواطنون مقيمون في اكثر الدول الاخرى، وليس من بلد عربي الا ويستقبل مواطنين مقيمين من سائر الدول الاخرى.
صحيح ان شروط الاقامة، المطلوبة من العربي للعربي، ليست من ذلك النوع الذي يترجم أبسط الروابط القومية، اذ انها لا تعطي، في معظمها، اية افضلية خصوصية للعربي على الاجنبي، وخاصة الاجنبي الاوروبي والاميركي.. بل انها تتعامل مع هذا الاخير، بكل ما في عقدة الاجنبي، وانبهار ابن الجارية بابن الست. ولكنها، على سوء حالها، تضع المهاجر في وضع افضل من اللاجئ.
واذا كان الحاح تحسين الاوضاع اللاانسانية التي يعيشها المواطنون الفلسطينيون في المخيمات، وبشكل خاص في مخيمات لبنان، يضغط باتجاه القبول بأي حل، فان هذا الحل لا يجوز ان يؤدي بأي شكل من الاشكال الى الانتقاص من حق العودة. لا بالمقياس الفردي، وانما بالمقياس الجماعي الذي يعني حق شعب فلسطين في ارض فلسطين.
ومن هنا يكون رفض التوطين، رفضا جوهريا، لتصفية الحقوق، واصرارا على التمسك بحق الاجيال في وطنها.
هكذا يبدو الموقف القومي المبدئي منسجما تماما مع الموقف اللبناني، ويبدو ان نتائج هذا الاخير تصب في صلب المصلحة القومية والفلسطينية.
غير ان الواقع، يختلف كليا عن ذلك. فاللبنانيون لا يرفضون التوطين حرصا منهم على حق العودة، وانما على التوازن الطائفي الذي يهدد اختلاله باختلال الوضع اللبناني كله.
وهنا قد يبدو من المنطقي القول باننا نريد ان نأكل عنبا لا ان نقتل الناطور.
لكن ما يثير القلق، هو ما يحيط بهذا المقترح من احاديث اخرى، عن قدرة دول اخرى على استيعاب هؤلاء اللاجئين كمهاجرين نهائيين، والاشارة هنا الى كندا والولايات المتحدة واوروبا، مما قد يثير في الذهن صورة تسرب تدريجي ينهي وجود هؤلاء، لا بتوطينهم في لبنان، وانما بتوطينهم في دول اجنبية اخرى، لا علاقة لها بقضية فلسطين او بحقوقها ومن ضمنها حق العودة.
دون ان تغيب عن الذهن، سهولة انتزاع الاقامة، او حجبها عن اي مقيم، في اية دولة عربية. اما تحديدا لتحركه وعمله، وإما لممارسة ضغط عليه في اتجاهات كثيرة، قد يكون منها اتجاه الهجرة.
الضمانة الوحيدة، التي يمكن ان تؤمن راحة بال اللبنانيين، وقانونية وضع الفلسطينيين وحقوقهم، سواء كافراد، في العيش الشرعي الكريم، وكشعب في ارض فلسطين ودولتها هي ان يقترن هذا الجواز الفلسطيني المقترح، بحق حامله في العودة الى فلسطين، بدون اية شروط، واية موافقات مسبقة لا من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية، التي يفترض ان تصبح حكومة دولة فلسطين، ولا من قبل العدو الاسرائيلي الذي بتنا مجبرين على تسميته دولة.