محكمة

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 20-02-2000

كوفي أنان اذهله الخراب في تيمور الشرقية، فدعا الى تشكيل محكمة لجرائم الحرب. كوفي أنان، لم ير الخراب في جنوب لبنان، ولم يذهل لما اصاب العراق، ولا للمجاعة التي فردت سواد جناحيها على الدولة الافريقية، العربية: السودان، اذا كان الامين العام، الاسود ابن العالم الثالث، يرى بعينيه، فان محاولة ضرب النور في لبنان، والدمار المادي الهائل، تتحدى نظره.. واذا كان الامين العام المأخوذ بالانسانية، يرى بعقله وروحه دمار الانسان، فان هذا التدمير الممنهج للانسان العراقي، حاضرا ومستقبلا يتحدى انسانيته..

وحتى اذا كان يرفض ان يرى بهذه وتلك، فان تصريحات ممثليه في العراق، ممن لم تستطع المصالح والضغوط ان تقتل ضمائرهم.. تنقل التحدي الى اذنيه..

لكن الامين العام، قد حيد حواسه الخمس على ما يبدو، ليوظفها كلها لخدمة ما يرضي الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها.. حفاظا على البقاء في المكتب الزجاجي، وكي لا يلقى مصير سلفه بطرس غالي.

الامركة وشركاؤها، وشركاتها المتعددة الجنسيات، يريدون اضعاف اندونيسيا وفكفكتها، اذ ان اضعاف السلطة المركزية، فيها من شأنه ان يسهل اختراق هذه الشركات للارخبيل الغني، اختراقا لا يؤدي فقط الى نجاح الغزو الاقتصادي لهذا البلد الغني، وانما رأس حربة تدخل المنطقة الاسيوية، بدءا من ماليزيا، التي شهدت مغامرة مهاتير الجريئة في محاولة تشكيل جبهة اسيوية في وجه الامركة والعولمة.

من هنا يأتي الدعم الدولي الذي لقيه ويلقاه الرئيس وحيد، الذي نعم بالبركة الاسرائيلية، وبالتالي بالبركة الامريكية، عبر زيارات متعددة الى الكيان الصهيوني، وصداقة متينة مع شيمون بيريز، مهندس السياسة الاقتصادية الشرق الاوسطية.

واذا كان العالم كله قد عجب من صورة الرئيس العجوز، الذي يحتاج لمن يسند ذراعيه، كي يتمكن من المشي، في عصر يعرف عنه بانه عصر الزعماء الشباب، في اكثر انحاء العالم، فان طبيعة ارتباطات هذا »العالم«، وحاجة مطلب زعزعة السلطة المركزية ووحدة الدولة، الى ان تكون نقطة المركز، اي الرئاسة، مهزوزة وضعيفة تفسر العجب..

لهذا كله تتحرك مشاعر الامين العام، الانسانية والحقوقية.

بينما تظل هذه المشاعر جامدة، لا مبالية ازاء الدمار الرهيب الذي ينهمر على لبنان، ازاء تهديدات رئيس وزراء دولة عضو في الامم المتحدة بانها ستحرق تراب دولة اخرى.. ازاء دمار كامل يصيب بلدا كان مهدا للحضارة الانسانية في ابهى تجلياتها، حتى ولو بلغ هذا الدمار حدا يفوق قدرة ممثلي الامم المتحدة نفسها على التحمل.. او حدا يدفع، كل من ما زال يحتفظ منهم ببقية ضمير، الى التمرد والاستقالة، والتعبير بمنتهى الجرأة والصراحة عن احتجاجه.

لكن الكرة، يجب ان تنتقل الان الى المجال العربي، يجب ان نغتنم الفرصة لنتمسك باقوال الامين العام وممثليه ونطالب بتشكيل محكمة لجرائم الحرب، التي تحدث في لبنان، وفي العراق..

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون