كل ذاك لاجل ذا..

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 05-02-1999

قبل ايام قال لي المفكر الكبير روجيه غارودي: »مشكلة العرب ان قضاياهم تحل في واشنطن، وواشنطن ليست اكثر من مستعمرة اسرائيلية، حيث الخيار للاستسلام لا للسلام”.

واليوم، تدور في واشنطن مفاوضات المرحلة الاكثر خطورة فيما يسمى بالعملية السلمية، ويعلن ان الطرف الامريكي سيتدخل عند الضرورة: الطرف الامريكي هو اولبرايت اليهودية، وكوهين اليهودي والادارة الامريكية المكونة من سبعة وزراء يهود..

واليوم ايضا تؤشر وسائل الاعلام، وبحفز شديد، الى اتصالات سرية مع العراق، لمساومته حول مقايضة اعادة ادماجه في المجتمع الدولي مقابل انضمانه للعملية.

ويعيدنا ذلك الى انباء تسربت، قبل سنتين تقريبا عن اتصالات مشابهة، ويومها خرجت صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية بمقال طويل، على صفحتين للصحفي الكبير اريك رولو، حول هذا الموضوع، وذلك بعد زيارة قام بها للعراق، ومثلها لاسرائيل، ومعروف ان رولو يهودي وخبير في الشؤون العربية.

بعد رولو، نشرت العديد من الصحف تحليلات واخبارا مشابهة ومضت لوفيغارو الى ان في اسرائيل ما يسمى بجماعة »الخيار العراقي«.

لم تكن هذه الانباء، الا تجليات بديهية، للاساس الطبيعي لما يحصل في المنطقة، فلم يعد من باب التنبؤ او التحليل القول بان حرب الخليج لم تكن الا حرب: النفط والسلام. وان القسمة بين الولايات المتحدة واسرائيل بسيطة وواضحة منذ البداية: للاولى النفط، وللثانية السلام.

واذا كانت الولايات المتحدة قد وضعت يدها كليا على نفط الخليج العربي، فان نفط العراق ما يزال هدفا يستثير اللعاب..

كذلك اذا كانت اسرائيل قد حققت – او تكاد تحقق – استسلام منطقة بلاد الشام كلها، بعد مصر، فان ما تبقى من الهلال الخصيب او اسرائيل الكبرى هو العراق.

اما اذا كان المعروف ان ما لا يقل اهمية عن حرب النفط هو حرب المياه، فان للعراق في هذا السياق الاهمية الاولى.

وفيما يتجاوز الـ »اذا« فان اسرائيل قد اعلنت مرارا ان توقيع السلام مع سوريا ولبنان يجب ان يعني السلام مع جميع العرب..

السؤال المتبقي والاهم: هو حول الموقف العراقي.

لا شك ان الضغط سيزداد في ذات الوقت الذي سيزداد فيه الاغراء.. ولا شك في ان الوضع العراقي هو من الصعوبة بحيث يثير التساؤل حول امكانيات المقاومة.

لكنه من الواضح ان القيادة العراقية تحاول جاهدة التململ وحلحلة الوضع بدون الولايات المتحدة، وتحديدا عبر اوروبا وروسيا والصين.. وهي لم تبخل في سبيل ذلك، في منح هؤلاء عقودا مغرية ضخمة يتوقف تنفيذها على رفع الحصار.

واذا كان رهان العراقيين على هذه الدبلوماسية لتحقيق شيء من الاستقلالية، فان الهدف ايضا هو العمل على تخفيض الثمن الذي سيطالبون بدفعه.

لكن: الى اي مدى سيخرج هؤلاء الحلفاء المفترضون، المدفوعو الاجر، عن تبعيتهم للولايات المتحدة الامريكية، بل وعن خضوعهم الكبير للوبيهات اليهودية داخل دولهم: خاصة في فرنسا وروسيا، اللتين يعتمد العراق على موقفهما في مجلس الامن.

وهل سينسى هذا اللوبي ان يستغل هذه المعادلة – الحاجة لطلب ثمن مقابل متعلق باسرائيل؟

الم يكن اللوبي نفسه وراء دخول فرنسا في حرب الخليج، وموقف روسيا المتخاذل منها.. الم يكن ذاك كله.. كي نصل الى هنا؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون