هل بدأت حرب الخليج عام 1991؟ ام عام 1980؟ ام انها في الواقع قد بدأت قبل ذلك مع قرار تأميم النفط في العراق وايران؟
عندما كانت التوقعات تتضارب بشأن حصول الحرب العسكرية عام ،1990 قال جان بيير شفينمان، ان الذين يستبعدون الحرب، هم اولئك الذين يسيئون تقدير الاصرار الغربي على الانتقام من قرار التأميم.
وعندما نقف اليوم امام الارقام المذهلة التي تقول لنا ان صادرات النفط الايراني قد هبطت من 80% الى 45%. فالعزل الاقتصادي نقل الانتاج من ستة ملايين برميل يوميا، قبل الثورة، الى 9ر3 مليون برميل هذا العام.
كما ان تدني الاسعار نقل الصادرات من 22 مليار دولار بين 1990 ـ 1991 الى 6ر14 مليار دولار بين 1997 ـ 1998.
ومثلها، بل واسوأ منها بكثير الارقام المتعلقة بالنفط العراقي.
لكن الارقام لا تقول شيئا افضل اذا ما تعلق الامر بالنفط الخليجي الذي لم يتعرض، في الظاهر المباشر، الى حصار او عزل. وقد نقلت لنا تقارير الوكالات الغربية، ومقال الرئيس العراقي بهذا الخصوص صورة تؤكد على ان اوشحة الحرب السوداء تلف رأس ووجوه الجميع.
في هذا السياق، تصبح المعركة معركة الاستسلام للاستلاب او القدرة على الخروج من الفخ.
وهنا يبدو ان السلطات الايرانية تحاول منذ بضع سنوات ان تلتف على حالة العزل، وعلى قانون »اماتو« الذي سن لمنع الشركات الاوروبية من الاستثمار في ايران، وقد نجحت فعلا في جر الشركات الفرنسية، واولاها توتال الى كسر حصار هذا القانون، وها هو اول حقل تنقبة توتال يبدأ الضخ مع بداية هذا الشهر، ومعروف ان توتال كانت تتحرك بدعم من الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية، وحتى بدعم بروكسل. مما ادى الى نتيجتين:
اولا: تشجع الشركات الاوروبية الاخرى على الاستثمار.
ثانيا: توجه الاميركيين الى الغاء القانون لعدم فاعليته.
غير ان ما يستحق التوقف بدقة هنا هو ايضا ملاحظتين:
الاولى: ان الايرانيين وقد رأوا استعداد الشركات الاوروبية لم يتركوا لها زمام المبادرة وانما كانوا هم من اعد 23 مشروعا في العام الماضي.
والثانية وهي الاهم، ان نظام خاتمي، لم يتجرأ رغم ميله الحثيث الى الانفتاح، على القفز فوق نظام التأميم، الذي لم يتجرأ نظام الشاه نفسه على التعرض له، واوضح انه لا مجال لترك الاجانب يصلون مباشرة ـ كما في الخليج ـ الى النفط، ويكفي الشركات الاجنبية ان تعمل لصالح الشركة المحلية وتحت رقابتها، مما جعل احد المعلقين السياسيين الغربيين يقول: »يبدو ان ظل محمد مصدق ما زال يحوم فوق آبار النفط، وان احدا لا يجرؤ على التعرض له«.
واذا كان هذا الظل اقوى من الملكية ومن الثورة، فلأنه انعكاس لارادة الشعب واستقلالية البلاد.
اوليست الحرب ضد العراق حربا ضل مصدق العراقي؟
واي ظل ذاك الذي يحوم فوق رؤوس وزراء الخارجية العرب وهم يتهجون ويحفظون عن ظهر قلب بنود رسالة التوجيه الامريكية؟
د.حياة الحويك عطية
إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.