حضر الضيوف والمضيف غائب..

ثقافة، فنون، فكر ومجتمع، 05-02-1999

هذه الجملة يحفظها كل طالب تخرج من المدارس الاردنية، لانها نموذج يتكرر في كتب القواعد العربية.

لكن استحضارها الان هو في غير مجال الصرف والنحو، وانما تعقيب على مهرجاني المسرح اللذين تشهدهما عمان.

فرصة ان تستقدم ايام عمان هذا الكم من العروض العربية والاجنبية، وفيها انماط ومستويات واساليب لكنها فرصة لماذا؟

للتلاقي ومد الجسور؟

حسنا.. ولكن لاية غاية؟

الغاية الوحيدة او الاهم التي يجب ان تبتغى من كل عملية تواصل وتفاعل، هي تنمية وتطوير الابداع المحلي. والا كنا مجرد ساحة للاخرين: فندق او موطئ او مكان يستأجر لفعالية ما..

وكانت الجسور، بنى تمد من فوق رؤوسنا يعبر ويتلاقى عليها الاخرون. ونقف نحن تحتها فاغري الافواه..

في مهرجان المسرح الاردني، قدم عدد من الاعمال، ربما يفوق عدد ما قدمته القاهرة هذا العام..

وفي ايام عمان قدم عملان، على غرار المشاركة العراقية او التونسية مثلا..

لكن السؤال ليس هنا! السؤال: ما هو مستوى هذه الاعمال كلها – ولا يفيد في رد هذا السؤال استثناء اذا اتفق عليه -؟

حتى هذا الجمهور الذي تأتي اليه بكل هذا الابداع العالمي: جيده ومتوسطه وضعيفه، الا يصبح اقدر على تقييم العرض المحلي، وعلى طرح الاسئلة؟

واذا اتفقنا في الجواب على ان الساحة لا تفتقر الى ممثلين، ولا الى مخرجين، او الى سينوغراف وغيرهم..

وعلى ان ثمة دعما ماليا يقدم من وزارة الثقافة، من امانة عمان، بل ومن جهات اخرى. فان السؤال يصبح اكثر حدة: لماذا؟

لماذا يتلقى المشاهد الاردني صدمة بممثلين سبق له وان شهدهم مبدعين مقتدرين؟.. لماذا يهان نص كاتب كبير، برؤية وقراءة واداء قاصرة؟ لماذا يكون علينا ان نفتقد واحدا من الارجل الثلاث، لتقع بنا الكرسي؟

لماذا نجدنا في مواجهة الضيوف، اضعف واقل؟ اليس في تقاليدنا ان تواجه الضيف بافضل ما عندك؟

بعد كل تظاهرة نكتب ونصيح، فلا يقرؤنا الفنانون ولا الجهات المسؤولة:

– الاستعجال، وبتعبير اخر »السلق«.. لا يجوز ان يسمح لفريق عمل بان يعرض عملا اعد في ايام او اسابيع او حتى شهرين.. الا نسمع الفرق الاخرى تتحدث عن ثمانية اشهر وسنة وسنتين: عدا التحضيرات؟

– عدم احترام التخصص: فالكاتب هو كل من يحسن القراءة والكتابة، والمخرج هو كل من راق له ان ينتحل هذا اللقب الخطير، والممثل – العنصر البالغ الخطورة في العرض – لا يهم من يكون، ولا بأس من ان يقوم بكل المهام الاخرى، الا مهمته، وكأن في لا وعيه عدم احترام لعمله..

وفي هذا السياق نتوقف عند نقطة خطيرة تتعلق بالنص، الذي بات جدارا خفيضا، امام كل الادعياء والذي لا يمكن بدونه ان يبنى عرض جيد.. فحتى عندما يعمد المخرج الى احلال التعبير بادوات غير الكلمة، فانما هو يفعل ذلك استنادا الى النص. فالكاتب اداته الكلمة فقط وللمخرج ادواته المتعددة الاخرى، لكن التعبير المتنوع هو عن نص محدد.. لا غنى عنه، ولا مهرب من ان مستوى كاتبه يحدد مستوى العرض.

– اخيرا البعثرة القائمة على مفهوم الكم على حساب الكيف، فلنقدم خمسة اعمال جيدة طوال عام، بدلا من خمسة عشر سيئة.. ولنلجأ الى اسلوب ورش العمل التي تبني كوادر واعمالا، في سياق تراكمي بالضرورة، اذ ما قيمة هذه (الهبشات) الموسمية التي لا يقوم بينها الا الخواء!!

على الا يفهم من كل هذا دعوة ضد الفعاليات المسرحية القائمة وانما هو دعوة لتطويرها والافادة منها، كي لا تصبح مجرد عملية سياحية استعراضية وكفى..

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون